بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الأربعاء، 16 يونيو 2010

مقابلة مع التشكيلي الأستاذ الياس زيات

2009-06-28 01:47:56 UAE
فن
الياس زيات: تجربة الفنان العربي تنقصها المعرفة والوعي




الياس الزيات من أبرز الأسماء التشكيلية في سوريا خلال النصف الثاني من القرن الماضي. تبلور مساره الفني والثقافي في أعمال فنية إبداعية لها خصوصيتها، تجمع بين العفوية والبساطة في التكوين، وبين العمق في الرؤيا المعاصرة المستمدة من أحداث التاريخ، وبين جماليات الألوان. ومن عالم الأيقونات (اللوحات الفنية ذات المواضيع الدينية)، انتقل بتجربته إلى الدائرة الأوسع للفن المستوحى من بلاد سوريا الكبرى، حيث تتجلى في أعماله رموزه الفنية المستقاة من التاريخ القديم لسوريا وحتى ما بعد انتشار الإسلام.




يعتبر البروفيسور الزيات من رواد الفن الذين اختاروا أن يكون لهم في مجتمعهم وبلدهم دور في الإبداع والإنتاج. ومن حصيلة مساهماته، مشاركته في تأسيس كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1960، بالتعاون مع كبار فناني جيله، كفاتح المدرس ومحمود حماد ونذير نبعه ونصير شورى وعبدالقادر أرناؤوط وطارق شريف وممدوح قشلان. كعهد الفنانين المبدعين الذي وجدوا عبر تراكم تجاربهم الفنية مسارهم الخاص ورؤيتهم الفنية المتفردة سواء للحياة أو الفن، وجد الزيات مساره الفني المتمثل في فن الأيقونة وترميمها. كان مسارا حافلا بالبحث والدراسات وتاريخ الفن والآثار والحضارات وأعمال الترميم. في معرضه الأخير في دبي في غاليري «بو زار«، التقت «مسارات» بالفنان الياس الزيات، وتحاورت معه حول تجربته الفنية التي امتدت لما يقارب من 50 عاما، وارتباط فنه بالتاريخ، وعن رؤيته الشخصية لحركة الفن المعاصر في المرحلة الحالية.




البداية... قال الزيات حول بدايات تجربته الفنية، «في سوريا تعلمت الفن على يد أستاذي الفنان ميشيل كرشه رائد الانطباعية في سوريا، ثم درست الفن في بلغاريا ومصر وهنغاريا. ما علمتني إياه الأكاديمية هو قواعد الفن والتكنيك. كنت محظوظا لكوني تتلمذت على أيدي أساتذة تتلمذوا بدورهم عند كبار رواد الفن الواقعي في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر. أما معرفتي بروح الفن فكانت من خلال زياراتي للمتاحف في مختلف بلدان العالم». وأوضح أنه بعد عودته إلى سوريا في الستينات ومشاركته في تأسيس كلية الفنون الجميلة، استأثر تاريخ فن التصوير والنحت لبلاد الشام باهتمامه. وشكلت معرفته ودراسته لهذا التاريخ نقطة انطلاق مساره الفني والمعرفي. ومع مرور الزمن انعكست ثقافته على أعماله الفنية، وقدم حصيلة دراساته وأبحاثه، عبر محاضرات وندوات.




بين المعاصرة والتاريخ... مر الفنان زيات بعدة مراحل فنية لخصها بقوله: «بعد امتلاكي لقواعد الفن من خلال دراستي في أكاديمية الفنون التشكيلية في بلغاريا، بدأت بتجربة الفن المعاصر لمرحلة ما بعد المدرسة الانطباعية. كنت أتعرف من خلالها على فن ماتيس وبيكاسو وغيرهم. وانتقلت بعدها إلى الفن التجريدي الذي لم أتوقف عنده طويلا». ويقول عن أسباب وقفته القصيرة في محطة التجريد: «الشكل الإنساني يعنيني كثيرا خاصة في السبعينات، إذ كانت تسكن جيلنا روح النضال القومي وكنا متحمسين للقضية الفلسطينية، لذا كان لا بد لنا من العودة إلى الشكل الإنساني». «أفادتني تجربة الفن التجريدي تقنيا. فهذا الفن مدرسة مهمة لمعرفة لغة التشكيل المتمثلة في التكوين والألوان بصرف النظر عما يعنيه الموضوع». أما المرحلة التالية فبدأت مع اهتمامه بتاريخ بلدان الشام وعنها أوضح، «لم أعد أنسب الجماليات لمعايير جمال الفن الغربي. بت أفهم جماليات فنوننا القديمة المنعكسة في الرسم والنحت الجداري والخط العربي. وبدأت برسم ملامح من فنوننا القديمة التي تميل أكثر إلى التعبيرية، التي تشبعت بها وباتت جزءا مني. فبدلا من رسمي لرأس الإنسان وفق جماليات الفن الغربي بنسبة 1 إلى 8، بت أرسمه بنسبة 1 إلى 5 أي أن الرأس أكبر كثيرا من الجسد».


ويضيف قائلا، « بت، بعد تعمقي في تاريخ فنون الخط العربي، أتذوق جماليات الخط في مرحلة العباسيين لفنانين كابن مقله وابن البواب وأراها أجمل وأهم من مدارس الخط العثماني وقواعده، وذلك لحرية الفنان العباسي في تعامله مع الحرف وتشكيلاته الفنية».


جدير بالذكر أن الزيات تحدث بإسهاب عن تاريخ فن الصورة العربية في بلاد الشام من خلال محاضرته التي سبقت افتتاح المعرض، والتي قدمها في مبنى أكاديمية «فينشينغ تاتش» في قرية المعرفة بدبي.


تاريخ الصورة


ألقى الزيات الضوء في محاضرته «ملامح من تاريخ الصورة في سوريا» ، على تاريخ التصوير في سوريا الكبرى من مرحلة ما قبل الميلاد في عهد الحضارة الآشورية والبابلية، إلى التاريخ المعاصر مرورا بالعصرين الأموي والعباسي.


كما تحدث عن الفن السرياني والإسلامي في الشام، وخصوصية فن المنطقة الناتج عنهما من خلال استعراض لوحات أثرية في كل من المعابد مثل اللوحات الجدارية المرسومة على الأضرحة في تدمر والتي جسدت الأساطير، والأديرة والمساجد الغنية بتاريخ الفن الإسلامي والأيقونات، كدير مار موسى والمسجد الأموي وغيرهما. لينتقل بعدها إلى خصوصية الفن المعاصر عبر تاريخ الأعمال الفنية المعروضة في المتحف الوطني بدمشق.


الفنان المعاصر العربي


بلا تردد أجاب لدى سؤاله عن انطباعه بشأن حركة الفن العربي المعاصر في المرحلة الراهنة، «لا شك أن الفن عندنا يشهد مرحلة متطورة مهمة. لكن ما ينقص فنانينا الشباب امتلاكهم للوعي الفكري والثقافي والاجتماعي. فإن سألت الشباب الفنانين في سوريا على سبيل المثال، من هو محمود حماد؟ (فنان سوري كبير شارك في تأسيس حركة الفن المعاصر في سوريا) لأجاب عدد كبير أنه ربما فنان مصري وهكذا».


ويتابع، «الفنان العربي يحتاج إلى العمق الذي يكتسبه من معرفة تاريخ بلاده والتأمل في واقعها. على الفنان بحد أدنى أن يعرف تاريخ بلده والحضارات التي عاشت وفنيت في أرضه، وتفاعلها مع الحضارات الأخرى».


كيف نفهم الفن المعاصر


قال الزيات إنه يسهل على المشاهد أن يحب ويتذوق الفن الكلاسيكي لكونه يصور الواقع برؤيا مباشرة. أما في الفن المعاصر فقد انكفأ الفنان على ذاته خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، وبات يصور تعبيراته وانفعالاته الخاصة، لذا بات من الصعب على الناس فهمه.


وأوضح ذلك بقوله، «ليس في الفن ما هو جميل أو قبيح. في الفن واقع على الناقد أو الفنان أو المشاهد أن يتعرف عليه. ولكي نعرف الفن علينا أن نقرأ ما كتبه الفنان. نحن بحاجة لأن نقرأ ما قاله عن نفسه. فقراءتي لكتابات الفنان ماتيس أو كاندينسكي ساعدتني على فهمهما أكثر. الفن بحاجة لمتابعة كالموسيقى الكلاسيكية، إذ لن يحبها من لم يألف سماعها على مدى زمني ليس بالقصير.


الفن المعاصر والاستسهال


لدى سؤاله عن العوامل التي تساعد على استسهال الفن وتحويله إلى سلعة تجارية، قال إن الصالات الفنية والترويج للفنان يلعبان دورا كبيرا خاصة مع غياب دور الناقد الفني الموضوعي.


وعقب على ذلك بقوله، «مازال الناقد العربي المتواجد حاليا، إما يرفع الفنان أو يحطمه». ويُرجع سبب الغياب الطويل للناقد إلى عدم اهتمام المؤسسات الثقافية والفنية بهذا الجانب. وأشار إلى أن عدد النقاد الحقيقيين في العالم العربي يعد على الأصابع.


منابع الوحي


غالبا ما يستوحي الزيات مواضيع لوحاته من عبق التاريخ، ليعكس من خلالها الواقع المعاصر للحياة. ويتجلى ذلك في لوحات معرضه الأخير الذي أقامه في دبي، فمن قصيدة جبران خليل جبران «العطاء» استوحى موضوع لوحته بذات العنوان. ومن قصة يحيى استوحى موضوع لوحته «التطواف (هامة يحيى تطوف دجلة)».


الفنان


في سطور


ـ ولد إلياس الزيات في دمشق عام 1935


ـ درس على يد الفنان السوري ميشيل كرشه من عام 1952 إلى عام 1955


ـ تخرج عام 1960 من أكاديمية صوفيا للفنون الجميلة.


ـ تابع دراساته العليا عام 1961 في مصر.


ـ 1973 ؟ 1974 تخصص في ترميم الفنون في هنغاريا


ـ 1980 حصل على مرتبة أستاذ/بروفيسور في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق بعد تدريسه لم يقارب من عشرين عاما.


ـ تبلورت رؤيته الفنية بعد دراسته الأكاديمية في بلغاريا ومصر وهنغاريا واطلاعه على الأعمال الفنية في كثير من المتاحف العالمية، ومن ثم دراسته لتراث الفن القديم في المتاحف السورية.


ـ شارك في عضوية الكثير من الأنشطة والبعثات الفنية والتاريخية والثقافية، آخرها عضويته في لجنة دمشق عاصمة الثقافة عام 2008.


ـ كتب ونشر دراسات في تاريخ الفن الإسلامي والمسيحي في بلاد الشام والنقد الفني.


قراءة في لوحة


في لوحته «التطواف (هامة يحيى تطوف دجلة)» التي رسمها بالألوان المائية بمساحة 57 x سم، يصور قصة يحيى ابن الرسول زكريا. وقال في قراءتها، «أردت التعبير من خلال تخيلي رأس يحيى الذي قطع طافيا على نهر دجلة في مركب شراعي، كم الرؤوس التي قطعت وطافت على نهر دجلة في المرحلة الأخيرة من تاريخنا. واختياري للألوان المائية لكونها تحمل في شفافيتها موسيقى وشعراً».


رشا المالح


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق