بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الأحد، 4 يوليو 2010

رحيل الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو


2010-06-19 03:34:54 UAE

أسطورة روائية شغلت أهل الأدب والسياسة ونال جائزة نوبل


رحيل الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو



توفي أمس الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1998، عن عمر يناهز 87 عاما في مقر إقامته بجزر الكناري. وصرح ناشره زيفيرينو كويلو للصحف أن صحة ساراماغو كانت تتدهور بعد مرضه مؤخرا.









كان ساراماغو حاز على شهرته العالمية، من خلال رواياته التي تناول فيها واقع الاضطرابات السياسية في بلده خلال أربعين عاما، بأسلوب تجريبي جمع فيه بين الواقعية والسريالية، مثل روايته (بالتاسار وبليموندا) و(العمى) التي حولت إلى فيلم سينمائي من إخراج البرازيلي فيرناندو ميريل عام 2008. ويعد ساراماغو أول كاتب برتغالي يفوز بجائزة نوبل، وباع ما يزيد على مليوني نسخة من رواياته. وهو من الشخصيات السياسية التي تبنت الفكر الشيوعي، وقد قام بعد فوزه بالجائزة بتقديم العديد من المحاضرات في المؤتمرات العالمية برفقة زوجته الصحافية الاسبانية بيلار ديل ريو. وقد وصف العولمة بأنها انعكاس لفشل الديمقراطية المعاصرة أمام تصاعد نفوذ الشركات ذات الجنسيات المتعددة.





وعلى الصعيد المهني فإن إبداع ساراماغو أتى متاخرا، إذ نشر أول رواية له حينما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وتبعها مرحلة صمت استمرت لمدة 30 عاما. ولم يتفرغ كلية للكتابة إلا في أواخر الخمسينات من عمره، بعد عمله ميكانيكياً في إحدى الورش، وكموظف في مؤسسة بيروقراطية للرعاية الاجتماعية، وكمدير إنتاج في مطبعة، ومدقق لغوي ومترجم وكاتب عمود في إحدى الصحف.





أما نجاحه الأكبر فأتى بداية مع رواية الحب المرحلة التي حملت عنوان (بالتاسار وبليموندا)، والتي تدور أحداثها في البرتغال في القرن الثامن عشر، ويصور العمل المآزق التي يتعرض لها أبطال عمله وهم ثلاث شخصيات من غريبي الأطوار وذلك بسبب أسئلتهم. وهؤلاء الشخصيات هم كل من القسيس المتهم بالهرطقة الذي يصنع آلة تطير، والجندي السابق بذراع واحدة وحبيبته ابنة ساحر وتتمتع برؤى أشبه بالصور الشعاعية (إكس راي).





وما إن ترجمت هذه الرواية إلى الانجليزية ونشرت في بريطانيا عام 1987، حتى اكتسب ساراماغو شعبية عالمية واسعة. وقد وصف الناقد أيرفينغ هو عمله ذا الوحدة المتكاملة بقوله، (واقعية قاسية بأسلوب الفانتازيا).





ووصف أسلوبه من قبل أحد النقاد بالتالي، (جوزيه ساراماغو متجاوز لعصره وتقليدي في الوقت نفسه. وفقراته الطويلة بسرد متدفق لا يشمل أيا من الفواصل وعلامات التنقيط، يبدو مستعصياً وحداثياً، غير أن عادته الدائمة في تسليم السرد برواياته إلى (كورس القرية) أو بالأحرى إلى أسلوب القروي البسيط، يتيح لساراماغو الكثير من المرونة).





عاش ساراماغو الذي ولد عام 1922 في قرية آزينهاغا التي تبعد 60 ميلاً عن لشبونه، في كنف جديه في حين كان والداه يبحثان عن العمل في المدينة الكبيرة، وفي خطابه لدى تسلمه جائزة نوبل، تحدث بحب وتقدير عن جديه القرويين والأميين، اللذين كانا ينامان في الشتاء بسرير واحد مع حيواناتهما، واللذين نسب إليهما الفضل في اكتسابه لسعة الخيال والتراث الشعبي، بالإضافة إلى احترام الطبيعة.





وتحدث في أحد كتبه الأخيرة والمؤثرة (ذكريات صغيرة)، عن الصدمة التي واجهها حينما انتزع في طفولته من كنف جديه في القرية النائية، ليزرع في لشبونه حيث كان يعمل والده في الشركة، وصدمته الأخرى حينما توفي شقيقه الأكبر بالسل بعد بضعة أشهر.





وكان يحب أن يحكي قصة حصوله على اسمه دي سوزا، يقول انه في اليوم الأول له في المدرسة حينما كان في السابعة من عمره اكتشف لدى تقديم شهادة ميلاده، أن موظف القرية سجله باسم جوزيه ساراماغو، والاسم الثاني يعني (الفجل البري) الذي توجب على أهل القرية أكله في الأيام الصعبة.





وهو الاسم الذي كان يطلق على والده تهكماً. وأفاد في مقابلة مع عام 2007، أن عائلته بقيت تعاني من الفقر حيث كانت والدته ترهن كل ربيع مفارشهم على أمل استعادتها في الشتاء التالي.





وعلى الرغم من كونه تلميذاً نجيبا في المدرسة، فرض الواقع الاقتصادي على والديه سحبه من مدرسة (غرامر) حينما كان في الثانية عشرة من عمره وتسجيله في مدرسة أقل تكلفة حيث تدرب كميكانيكي سيارات.





وتعتبر روايته (سنة موت ريكاردو ريس) التي نشرها عام 1999 من روائع أعماله، وهي الرواية الوحيدة التي تناول فيها الدكتاتور أنطونيو دي أوليفيرا سالازار. وتدور أحداثها عام 1936 الفترة المظلمة من تاريخ أوروبا لدى صعود نجم هتلر وفرانكو وموسوليني وسالازار. وتحكي القصة عن مغادرة طبيب وشاعر للبرازيل والعودة إلى لشبونة الفاشية.





ساراماغو .. مواقف سياسية





ولد جوزيه دي سوزا ساراماغو في 16 نوفمبر عام 1922 في بلدة ازينهاغا وسط البرتغال لعائلة مزارعين لا ارض لهم نزحت الى لشبونة ثم اضطر إلى وقف دراسته الثانوية لأسباب اقتصادية للالتحاق بالدراسة المهنية، حيث تخرج صانعا للأقفال، وزاول حرفا يدوية عديدة قبل العمل في الصحافة، والترجمة ليتفرغ فيما بعد كليا للكتابة.





حيث أصدر راويته الاولى «ارض الخطيئة» في العام 1947 و انتظر 19 عاما ليصدر كتابه الثاني وهو ديوان شعري بعنوان اشعار ممكنة». وخلال تلك الفترة عمل في الصحافة والنشر، ثم انخرط في صفوف الحزب الشيوعي الذي كان سريا في العام 1969، وشارك في ثورة القرنفل في 25 ابريل عام 1974.





صدرت روايته الثانية «وجيز الرسم والخط» في العام 1977، لكنه لم يعرف الشهرة الا في العام 1982 وهو في سن الستين مع رواية «الاله الاكتع» وهي قصة حب تدور احداثها في القرن الثامن عشر.





في العام 1992 اثار ساراماغو جدلا كبيرا جدا في البرتغال بسبب كتابه «الانجيل بحسب يسوع المسيح» فغادر حينها وطنه الى ارخبيل الكاناري الاسباني. وخلال ستين عاما اصدر ساراماغو حوالى 30 عملا راوحت بين الرواية والشعر والمحاولات الادبية والمسرحيات.





في العام 1998 حاز، جوزيه ساراماغو على جائزة نوبل للآداب وهو في السادسة والسبعين من العمر، ليكون بذلك أول كاتب برتغالي يحصل على جائزة بهذه المرتبة.





وقد عرف بمواقفه السياسية ولم يخف يوما آراءه اليسارية، في عام 2002، وحينما كان ياسر عرفات محاصراً في رام الله بعد انتفاضة الأقصى، زار جوزيه سارماغو برفقة كتاب عالميين رام الله، وكان من بينهم كتاب حاصلون على نوبل، مثل: ويل سوينكا النيجيري، وبرايتن برايتنباخ الجنوب أفريقي، وخوان غويتيسولو الإسباني. وبعد خروجهم من هناك.





وبعدما رأوا ما يجري، شبه ساراماغو، رام الله بمعسكر الاعتقال النازي أوشفيتس، ما دفع إسرائيل لمهاجمته واتهامه بالوقوع ضحية (الدعاية الفلسطينية الرخيصة)، فردَّ صاحب «العمى» ساخراً: إنني أفضل أن أكون ضحية للدعاية الفلسطينية الرخيصة بدلاً من أكون ضحية للدعاية الإسرائيلية الباهظة التكاليف.





هشاشة الانسان





باتت كتابات ساراماغو في سنواته الأخيرة تميل إلى الرمزية والمجازية. ففي رواياته مثل (العمى)، حيث تصاب مدينة بأكملها بوباء العمى مما يحول سكانها إلى مواطنين بربريين، ليعكس مدى هشاشة مدنية الإنسان.





روائي بارز





وقف ساراماغو كروائي في الخمسة وعشرين عاماً الأخيرة، صرحا بمفرده وموازيا إن لم يكن متجاوزا لكتاب العالم الغربيين أمثال الأميركي فيليب روث (1933)، والألماني غونتر غراس (1927).





إعداد ـ رشا المالح
البيان










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق