بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الخميس، 15 يوليو 2010

مقابلة مع الأديب ياسر المالح



ياسر المالح: ثقافتنا الحياتية اليوم مختلفة عما كانت لدى أجدادنا




يعبر مصطلح «ثقافة الحياة» بخطوطه العريضة عن أخلاق ومفاهيم وقيم وطبيعة الحياة. وما يتعارض معها هو أي سلوك أو منهج يتسبب في تدمير الحياة ابتداء بالقتل والحروب وانتهاء بالفقر والجشع والأنانية.









وكان (افتح يا سمسم) برنامجا تابعا لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي (الكويت)، بمثابة نقلة نوعية أو مفصل محوري في تشكيل ثقافة ووعي الطفل في مختلف بلدان العالم العربي، وكان الأديب السوري المخضرم ياسر المالح من كبار كتاب البرنامج والمشرفين على إنتاجه، ومن الذين ساهموا في تشكيل وعي الطفل وتربيته سواء في إطار التعليم والتوجيه أو في إطار الفن والأدب.مع تصاعد الجدل حول مفهوم ثقافة الحياة المعاصرة، في إطار غزو التكنولوجيا لعالم الإنسان والانفتاح على الحضارات الأخرى، وانعكاس هذا الانفتاح على الهوية وانتماء الإنسان إلى وطنه، التقت «مسارات» مع ياسر المالح، الخبير في الإعلام التربوي والإعلام البرامجي لدى اليونيسيف واليونيسكو، إضافة إلى كتابته للشعر والدراما.





البداية كانت مع تعريفه لثقافة الحياة بصورة عامة فقال: (يمر الإنسان عموما بمراحل مختلفة من الطفولة إلى الشباب فالكهولة وأخيرا الشيخوخة. الإنسان في المحصلة ابن البيئة التي يعيشها. وأول ثقافة يكتسبها من أسرته، الأب والأم والأخوة وبعدها الأقارب لتتسع الدائرة مع الزمن). وأضاف: «هذه الثقافة بيئية شفوية على الأغلب، ليس فيها أكثر من نقل رأي حول مشكلة أو أمر ما. وهي ليست الثقافة بمفهومها الواسع لمن يريد أن يرتقي بنفسه. الارتقاء بالنفس يحتاج إلى ثقافة أعلى يصل إليها الإنسان من خلال أمرين. أولهما الرغبة الداخلية في تجاوز ثقافته الأكاديمية، ليبدأ بالقراءة.





والقراءة تبدأ مما هو مكتوب في الصحف والمجلات إلى الكتب الكبيرة سواء كانت علمية أو فلسفية أو دينية ليختار منها ما يريد. أما العامل الثاني فيعتمد على السفر والاطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى. والإنسان يعبر عن نفسه من خلال الثقافة التي يكتسبها».





ثقافة الحياة الحديثة





وانتقل ياسر المالح بعد ذلك للحديث عن مفهوم ثقافة الحياة الحديثة فقال: «تبدأ الثقافة عمليا من الحياة اليومية بين زوج وزوجة في البيت، في مفهوم التعامل بينهما كذكر وأنثى، وهما بحاجة إلى أرضية من الثقافة لتقارب الأفكار والمفاهيم، واحترام أحدهما للآخر.





قد يختلفان أو يتفقان، والثقافة الحديثة مرهونة بمقياس الاختلاف في الرأي مشكلة». وتساءل قائلا، «لماذا علينا جميعا أن نفكر بنمط واحد.





اختلاف الأفكار حالة صحية على أن تكون خلاقة وتعني شيئا». ومن ثقافة العائلة إلى ثقافة السوق والتعامل مع الناس أعتبر ياسر المالح أن نتاج هذه الثقافة يتأتى من خلال التعامل مع البائعين وسائق التاكسي والتاجر. وثقافة التعامل هذه، تحددها الحجة أي أن ثقافة السوق تتصل بمصلحة التاجر أو الصناعي أو المشتري.





وهي ثقافة مهمة وضرورية تتجاوز في معظم الأحيان دعايات الإعلام إلى القيام بدراسة حول المنتج الذي يرغب المستهلك بشرائه كالسيارة مثلا، وذلك كي لا يشعر بالغبن. وتتميز علاقات ثقافة السوق عموما بكونها غير انتقائية وفي التواصل بين الأكبر والأصغر والمثقف بغير المثقف.





ثقافة السياسة نوعان





وعن ثقافة السياسة يقول المالح أنها نوعان: نوع ينبع من الالتزام بسياسة معينة كحزب أو طائفة وغير ذلك. أي سياسة محددة بتفكير جهة سياسية ما. ونوع آخر هو سياسة لا ترتبط بأحد، ثقافة معلوماتية عن توجهات العالم كأوروبا والعرب وأميركا.وعن ثقافة العرب الإقليمية حسب تعبيره، يميل إلى أنها ليست عالمية بالمعنى الذي نعلمه. فالإعلام المرئي والمسموع والمقروء يقدم الأخبار وبناء عليه يتخذ الفرد موقفه.





وأضاف، «في رأي ثقافة السياسة عند الآخرين وليست عندنا أو عند أميركا. فالشعب الأميركي لا يعرف ما خلف حدود أميركا من سياسات إلا النزر اليسير. أما ثقافة الأوروبي أفضل وأوسع لانفتاحها على الحضارات المجاورة».





التكنولوجيا عدو أم صديق





وبانتقاله إلى ثقافة التكنولوجيا التي تثير مخاوف العالم العرب أكثر من غيره قال، «باتت ثقافة الحياة اليوم على علاقة وثيقة بالتكنولوجيا، بدءا بالموبايل ودوره في الحياة اليومية. فهذا الجهاز الصغير يسيطر الآن على ثقافتنا اليومية. وأقول هذا لحاجة الناس لهذا النوع الصغير جدا للتواصل مع بعضهم».





ويشير إلى أن الثقافة اليومية الحياتية باتت متوفرة للفرد العادي أيضا ولم تعد محصورة بالمثقف. وأعطى مثالا على ذلك بقوله، «عامل النظافة في بلدي يتحدث بالهاتف المتحرك. صارت التكنولوجيا سهلة الاستخدام والحمل ومتوفرة للجميع. وباتت المعلومات المطلوبة في أي إطار متوفرة للجميع».





وبخصوص سلبيات تلك الثقافة، قال أن هذه التكنولوجيا منعت التواصل الفعلي بين الناس التي اكتفت بالتواصل الهاتفي، حيث أضحت الرسائل الهاتفية بديلا للزيارات كما يحدث في الأعياد. وتابع قائلا، «العالم في تطور، والإنسان يتأقلم مع التطور التقني ويريد المزيد حتى لدى كبار السن. باتت ثقافة الحياة معها غير محدودة وتتسع لكافة أرجاء العالم والخوف من أن تصبح بديلا عن الآخر».





التخوف من ضياع الهوية





وفيما يخص المخاوف السائدة بشأن ضياع الهوية المحلية نتيجة الانفتاح، أكد أنه ما مبرر لتلك المخاوف على الإطلاق وقال، (لو تتبعنا التاريخ من بدايته إلى اليوم لما وجدنا على الرغم من الحروب والقتال والغزو أن دولة أو أمة ما فقدت هويتها).





(فالعرب عانوا الغزوات على مر التاريخ ولقرون أحيانا، ومع ذلك لم يفقدوا هويتهم. الهوية لا تضيع فهي جزء من كياننا، هي شعور شخصي. في أميركا اللاتينية العديد من العرب ومنذ أجيال لكنهم لم يفقدوا هويتهم حتى اليوم).





ويؤكد المالح قائلا، «التحدث بلغة أخرى لا يفقدني هويتي. الهوية شعور يخلق مع البيئة التي ينتمي إليها الإنسان، الأسرة والمكان والتاريخ القديم الذي هو إرثه. الهوية هي أنا والمكان الزمان». ويؤكد أن التحدث بكل لغات العالم أمر إيجابي، فما المانع من أن يستعير الإنسان من ثقافة الآخرين الذين سبقونا بمئات الأشواط! ألم يستعيروا من ثقافتنا فيما مضى؟.





وأعطى مثلا على ذلك بقوله، «في أيام الانتداب الفرنسي بسوريا، كنا أطفالا في الابتدائية، وكنا نخرج من المدرسة مجموعات بأناشيد وطنية ضد فرنسا.





وكان العسكر أو الدرك الفرنسيون ينظرون إلينا ويبتسمون، فهم يدركون معنى الانتماء. ولا زلنا نحافظ على هويتنا على الرغم من دراستنا للفرنسية، كما عاد الذين أوفدوا في بعثات دراسية إلى فرنسا وناضلوا من أجل الوطن»، وختم فكرته بقوله «التواصل الحضاري يزيد من ثقافتي ولا يفقدني هويتي. إلا في حال كنت إنسانا لا مباليا ولا اهتمام لي بوطني أو مجتمعي».





تأثير الثقافات على الهوية





وعن مدى تأثير الثقافات الخارجية على الهوية، طرح ياسر المالح مثالا من حياته الشخصية وقال، «أولادي موزعون في أرجاء العالم ولم يفقدوا هويتم أو لغتهم أو إحساسهم بالانتماء. ولا يمكن للمجتمع ككل أن يفقد هويته بالتواصل مع الآخر والتاريخ أكبر دليل. الهوية تتمثل أولا وأخيرا في عبارة «أنا أنتمي إلى».





الكاتب في سطور





* ولد ياسر المالح في دمشق عام 1933.





*حصل على ليسانس بالأدب العربي عام 1957 وعمل كمدرس لغة عربية في سوريا والكويت 1958 ـ 1972 ومديرا للتقنيات بوزارة التربية 1972، كما عمل مراقب الإنتاج وكبير الكتاب في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي (الكويت)، 1977-1990.





* شغل ياسر المالح منصب رئيس كتاب برنامج «افتح يا وطني أبوابك «للأطفال في (90) حلقة، 1993 وأعد الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية للتلفزيون السوري والكويتي، وأشهرها «أبجد هوز» و»فرسان الكلام» و»البخلاء».





* أصدر ديوان شعر بعنوان (عودة إلى الحب )عام 1983، وآخر بعنوان «عرس الكلمات» عام.





رشا المالح







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق