بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

قريشي يحصد جائزة «جميل 2011» للفن الإسلامي المعاصر

المصدر: البيان - رشا المالح



أعلنت اللجنة المنظمة لجائزة (جميل 2011) للفنون الإسلامية المعاصرة، التي تعتبر من المبادرات التي يتبناها متحــف فيكتوريا وألبرت في لندن، عن فوز الفنان الجزائري رشيد قريشي بالجائزة البالغ قيمتها 25 ألف جنيه استرليني، وحمل العمل الفائز عنوان (معلمون غير مرئيين).
وقالت اللجنة إن اختيار عمله يرجع إلى توافق مشروعه مع أهداف الجائزة، من خلال نوعية التصاميم واستلهامها من تراث الصناعات التقليدية وأن تميز العمل يكمن في التقاط روح ثقافة التراث العربي بأسلوب جمالي من المطرزات، وجمعه بين الحروف العربية والرموز والأصفار من ثقافات ولغات أخرى.
كما يعكس العمل، جانباً من الثقافة الإسلامية المناقضة للانطباع الغربي العام المرتبط بالعنف والإرهاب, فالعمل يعكس حالة من التأمل والهدوء والتمعن في جوهر الأمور، عبر مقولات من كبار المفكرين والشعراء المسلمين مثل جلال الدين الرومي ومحيي الدين بن عربي، اللذين اشتهرا في الغرب عبر العديد من الأجيال.

جولة الجائزة
ويستمر المعرض الخاص بالفائز والمرشحين التسعة في مقر المتحف بلندن حتى 25 سبتمبر، ليبدأ جولته العالمية في الولايات المتحدة إلى أوروبا ومن ضمنها المعهد العالمي العربي في باريس حيث يبدأ المعرض في شهر ديسمبر، ومنه إلى مدريد في ربيع وصيف العام المقبل.
يُذكر أن معرض الجائزة لعام 2009 قد زار ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط من ضمنها الإمارات والسعودية ولبنان والمغرب، وبلغ عدد مشاهديه 49,161. وقال البروفيسور مارتن روث مدير لجنة التحكيم، (تميز عمل قريشي عن غيره بشمولية فكرته القريبة من الجميع، إلى جمعه بين بياض مساحة الحداثة والتصميم التاريخي لأمكنة تقارب من القصور وبساطة الصوفيين وزهدهم.
المرشحون التسعة
وضمت قائمة المرشحين التسعة كلا من: العراقية هيف كهرمان، المصري حازم المستكاوي، ومــن باكستان نور عــلي شــاغاني، وعايشة خالد، ومن إيران هاديه شافي، سودي شريفي (1955)، منير شهرودي فارامانفارميان، ومن إيطاليا بيتا غيزيلاياغ، من الولايات المتحدة باباك غــولكار. وأما لجنة التحكيم فضمت كلا من: وسن الخضيري من متحف الفن العربي المعاصر في قطر، نافيد أخطر من شركة غازيل ميديا، أفروزم أميجي الفائز بجائزة جميل لعام 2009، دينا باخــوم مــديرة برنامــج المحفوظات في مؤسسة آغا خان بمصر.
وقد ولد رشيد قريشي عام 1947 في عين بيضا بالجزائر ودرس في معهد الفنون الجميلة والمدرسة الوطنية العليا للفنون في الجزائر وتابع دراسته في باريس في المدرسة الوطنية لفنون الديكور التابعة لكلية الدراسات العمرانية. كرّس مساحة كبيرة من بحثه لروح الخط العربي وعلاماته وتصاميم المخطوطات الشعبية المغاربية.

فصول أربعة تعاقبت على حياة الراهب الأصهب

الموسيقار الإيطالي فيفالدي :عبقرية لا تنضب

يعتبر الملحن وعازف الكمان الإيطالي أنطونيو فيفالدي من أبرز الموسيقيين في القرن الثامن الذين تمتعوا بقدرات استثنائية، وضعت معايير جديدة للموسيقى، ولقب باسم (الراهب الأصهب) نظراً لدخوله السلك الكهنوتي في مرحلة شبابه وللون شعره الأحمر.

أثبتت البحوث الأخيرة أن الملحن وعازف الكمان أنطونيو فيفالدي الذي اشتهر بمقطوعته (الفصول الأربعة)، لحن أكثر من 700 مقطوعة، تنوعت ما بين السوناتا التي تضم عادة ما بين ثلاث إلى أربع حركات، والأوبرا الموسيقى الدرامية التي تجمع بين الغناء والعزف على عدد من الآلات الموسيقية، والكونشيرتو التي تجمع بين صوتين غنائيين مقابل فرقة كاملة من الأوركسترا.

الفصول الأربعة
لحن فيفالدي مقطوعة كونشيرتو الكمان (الفصول الأربعة) التي اشتهر بها حتى يومنا هذا والتي عكست براعته في تصوير الطبيعة عبر الموسيقى، عام 1723. ويمثل كل جزء أحد الفصول الأربعة، ليعزف فصل الشتاء بالأوتار العالية من الكمان، في حين تثير نهاية فصل الصيف عاصفة عارمة يختم بها مقطوعته.
ونشرت هذ المقطوعة عام 1725، كجزء من 12 كونشيرتو وكان ترتيبها الثامنة، ويتضمن كل جزء من فصول الكونشيرتو ثلاث حركات تتراوح بين الإيقاع الهادىء والسريع. وكان قد قدم من خلالها ولأول مرة في تاريخ الموسيقى، العزف المنفرد للكمان بمعزل عن فرقة الأوركسترا.
الربيع
تبدأ الحركة الأولى من (الفصول الأربعة)، بالاحتفاء بفصل الربيع لنسمع صوت العصافير التي تستقبل عودة الفصل بسعادة وحبور عبر غنائها ليسمع نباح كلب الراعي في الحركة الثانية، وبعدها صوت آلة القرب الريفية التي تملأ الفضاء في الحركة الثالثة.

الصيف
تبدأ الحركة الأولى من فصل الصيف بنداء العصفور يتبعه هديل الحمام وزقزقة العصافير، لينتقل في الحركة الثانية إلى النسيم العليل الذي يحمل أصوات أزيز الحشرات التي تحوم حول الراعي لتوقظه من قيلولته، ينتقل بعدها الحركة الثالثة حيث تتحقق مخاوف الراعي بهطول البرَد الغزير من السماء المزمجرة لتفصل حبوب القمح عن سنابلها.

الخريف
في الخريف تبدأ الحركة الأولى باحتفال الفلاحين وسعادتهم بجني محاصيلهم الذهبية، لينتهي احتفالهم الصاحب بالنوم العميق. وفي الحركة الثانية تخبو موسيقى الاحتفال والرقص تدريجياً في الهواء العذب الذي يمنح المحتفلين السكينة والطمأنينة خلال نومهم. وفي الحركة الثالثة، يبزغ الفجر لينطلق بوق الصيادين معلنا بدء رحلة الصيد ومطاردة فريستهم بتتبع أثرها، لتستسلم الفريسة أخيراً بعد إنهاكها من الجراح ومطاردة الكلاب.

الشتاء
تبدأ الحركة الأولى من فصل الشتاء، برعشة البرد في صقيع الجليد والرياح القارصة، ليستمر الجري مع التعثر بين الحين والآخر، مع اصطكاك الأسنان من البرد الشديدة. وتصور الحركة الثانية تمضية الأيام برضا وهدوء بجانب النار، في حين تبلل الأمطار بالخارج الناس بالمئات.
وفي الحركة الثالثة يسير الناس بحذر على الطرق الجليدية خوفاً من الانزلاق، ليقع الناس على الأرض ويدورون حول أنفسهم، لينهضوا ويجروا خوفاً من تكسر جليد البحيرات تحت أقدامهم، ولتشن رياح الشمال الثلجية الحرب، وتخترق الأبواب المحكمة، ومع ذلك فإن للشتاء سعادته الخاصة به.

سيرة فيفالدي
ولد أنطونيو فيفالدي الذي لقب باسم (الراهب الأحمر) في 4 مارس عام 1678 بالبندقية، ويقال انه نظرا لتزامن ولادته مع زلزال ضرب المنطقة، نذرت والدته أن تقدمه لسلك الكهنوت. وكان لفيفالدي خمسة أشقاء، أما والده جيوفاني باتيستا الذي كان قبل أن يصبح عازف.
كمان محترفا حلاقاً، قد علم ابنه عزف الكمان في عمر مبكر ليرافقه في كافة جولاته الموسيقية بالبندقية. وكان والد أنطونيو من المؤسسين الأوائل لجمعية الموسيقيين، كما عرف كملحن أيضاً، حيث لحن بنفسه أوبرا (لا فيديلتا سفورتوناتا) عام 1689.
عانى فيفالدي في طفولته من اعتلال صحته، وواجه الكثير من أزمات التنفس الأشبه بالربو خلال وجوده في سلك الكهنوت، إلا أن مرضه لم يحل دون تعلمه العزف على الكمان وبعض آلات النفخ، والمشاركة في عدد من الفعاليات الموسيقية والتلحين.
ودخل السلك الكهنوتي عام 1693 حينما كان في الخامسة عشر من عمره، وبدأ الدراسة ليكون قساً. وفي عام 1703 وكان في الخامسة والعشرين صدر أمر بتسريحه لاعتلال صحته، وعاش ما تبقى من حياته كقس بروحه.

سنوات الإبداع
تسلم أول عمل له كمدرس كمان عام 1703 في ملجأ (مشفى الرحمة) للأيتام، وهو أحد الملاجىء الأربعة التي كانت تمولها جمهورية البندقية، والتي كانت تعلم الأيتام والفقراء الذين لم تستطع عائلاتهم أن توفر لهم المأوى، العديد من المهن، ليخرجوا إلى الحياة في سن الخامسة عشر مسلحين بحرفة تضمن لهم كرامة العيش. أما الفتيات فكن يدرسن الموسيقى، لتنضم الموهوبات منهن إلى عضوية المشفى وكورس وأوركسترا (أوسبيدل) الشهيرة.
وسرعان ما بدأ الأولاد يهتمون ويقدرون الموسيقى بعد انضمام فيفالدي لسلك التدريس، والذي كتب لهم العديد من الكونشيرتوز، والمقطوعات الموسيقية الخاصة بالكورس. وتنوعت هذه الأعمال القيّمة التي يقارب عددها من الستين، الغناء والعزف الفردي إلى الأوركسترا. وكانت العلاقة بينه وبين مجلس الإدارة متوترة بصورة مستمرة، حيث كان على أعضاء المجلس التصويت كل عام بشأن إبقائه في المشفى، كمدرس.
ولم يكن التصويت لصالحه عام 1709، ومع بقائه حراً لمدة عامين، تم استدعاؤه مجدداً بعدما أدرك المجلس أهمية دوره. وبات مسؤولات عن كافة الأنشطة الموسيقية، ليتم ترقيته إلى مدير الموسيقى عام 1716.
قدم فيفالدي خلال الثلاثين عاماً من عمله في المشفى أبرز مقطوعاته الموسيقية، وكان قد نشر أول مجموعة من أعماله (كونور كاسارا) عام 1705. وفي عام 1716 كتب وقدم عملين للأوبرا، وحقق ثانيهما (لا كوستانزا تريوفانتي ديغلي أموري إي ديغلي أودي) شهرة كبيرة وتم تقديمه مرة أخرى بعد عامين وفي براغ عاصمة التشيك عام 1732. وفي السنوات اللاحقة كتب العديد من أعمال الأوبرا التي قدمت في كافة أنحاء إيطاليا.
وواجه بسبب أسلوبه في الأوبرا، العديد من الصعوبات مع الموسيقيين المتحفظين، مثل بينيديتو مارسيلو الذي كتب العديد من المقالات التي يهاجمه فيها بصورة غير مباشرة. ويتضح من رسالة فيفالدي في إلى راعيه مارشيز بينتيفوغليو، أنه كتب ما يزيد عن 94 أوبرا لم يبق منا سوى 50.

النجومية والشهرة
حقق فيفالدي نجاحه وشهرته كملحن مع نشر مجموعته الأولى من الكونشيرتو في أمستردام عام 1711، والسبب في اختياره لأمستردام هو حفرهم للنوتات الموسيقية على ألواح ثابتة بدلاً من استخدام أسلوب أهل البندقية المتبدل في الطباعة. وكان فيفالدي وزميله ألبينوني أول الملحنين الإيطاليين الذين نشروا أعمالهم بهذه الطريقة.
لم يصل فيفالدي بشهرته خلال حياته إلى مصاف كبار الموسيقيين أقرانه مثل أليساندرو سكارلاتي، وليوناردو ليو وبالداسار غالوبي، حيث كان معيار نجاحهم يقاس بالفترة الزمنية التي تعرض خلالها أعمالها في بيت الأوبرا الرئيسي. أما أرفع المناصب التي حظي بها فكانت عام 1717، حيث كان مايسترو دي كابيلا في بلاط الأمير فيليب من هيسيه- دارمشتات، حاكم مانتوا، حيث بقي لمدة ثلاثة أعوام وأنتج عدة أعمال في الأوبرا من ضمنها (تيتو مانليو).
انتقل فيفالدي عام 1722 إلى روما، ليقدم أسلوبه الجديد في الأوبرا، وهناك عزف أمام البابا الجديد بينيديكت الثامن بدعوة من الأخير. وكانت الأوبرا آنذاك الفن الموسيقي الأكثر شيوعاً وشعبية، مما عاد عليه بالنفع الكبير خاصة مع تنافس عدد كبير من المسارح للاستئثار بالجمهور.
وكان حينذاك يساهم في تلحين مقاطع من الأوبرا بمشاركة مجموعة من الملحنين بإشرافه. وفي أواخر عام 1715 خطط لتلحين أوبرا كاملة بمفرده وحملت عنوان (آرسيلدا ريجينا دي بونتو)، ولم يعرض العمل إلا بعد عامين من إنجازه .
حيث منعت الرقابة العرض الذي يحكي قصة آرسيلدا التي تهوى امرأة أخرى تتنكر بزي رجل، واستطاع فيفالدي إقناع لجنة الرقابة بالموافقة على العمل بعد مضي عام من منعه. وما إن عرضت الأوبرا حتى حققت شهرة واسعة لها ولملحنها سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي وسافر في سنواته الأخيرة بكثافة. ويُحكى
عن حبه لمشاهدة افتتاحيات أعماله في الأوبرا، التي كانت تغني في أغلبها المشدة آنا غيرو التي اعتقد بأنها عشيقته لظهورها معه في العديد من أعماله مابين 1723 و1748.

فيفالدي الإنسان
احتفظ فيفالدي طيلة حياته بسمعة الراهب لتقواه، وإن لم يكن متقشفاً، فقد كان يحب المال، وما يصرفه محسوب ومدروس مقابل ما يكسبه. وكان معتداً بمظهره الخارجي، وسخياً بالصرف على لباسه، ولم يكن يسافر إلا بالدرجة الأولى ويقيم في أرقى الفنادق. ويعتقد بعض الباحثين أن هذا الحرص كان بسبب أزمات الربو التي يعاني منها.
وعلى الرغم من سعادته بالشهرة وبقدر من الثراء في أوج عطائه وإبداعه، إلا أنه عانى من مجموعة صعوبات في السنوات الأخيرة من حياته، حيث واجه خلال ونهاية عام 1730 عدد من الخيبات إذ فشلت أعماله الأوبرالية في كسب استحسان الجمهور لأسباب ترتبط بإنتاجها. وفي عام 1738 رفض مشفى الرحمة تجديد عقده، بسبب سفره المتكرر.
وفي ضوء هذه الصعوبات قرر فيفالدي عام 1740 ترك إيطاليا إلى فيينا. ولم يعرف إلا ما هو قليل عن رحلة فيفالدي الأخيرة وما عمله في عامه الأخير بالنمسا. وكان عند وفاته في 28 يوليو عام 1741، قد أنفق جميع ثروته النقدية. وسرعان ما خبا نجمه في خضم مرحلة نبذت موسيقى الباروك لصالح الموسيقى الكلاسيكية التعبيرية في منتصف القرن الثامن عشر. وبعد مضي مائة عام عاد اهتمام الأكاديميين به وبموسيقى عصره.
سيرورة أعماله
أما قيمته الفنية فلم تقدر إلا بعد مضي 200 عام على وفاته، وكان ذلك عام 1926، حيث ظهر في إيطاليا أهم اكتشاف في تاريخ الموسيقى. وكان ذلك حينما دعا أحد الأديرة في إيطاليا، مجموعة من خبراء المكتبة الوطنيــة تورين، بغية تقييـــم مجموعة من المخطوطات بهدف بيعها لتغطية تكاليف بعض الإصلاحات في الدير. وسرعان ما أدرك الخبراء قيمة الكنز الكامن في تلك المخطوطات التي كشف عن مجموعة من أهم المقطوعات الموسيقية لذاك القرن، وكان معظمها لفيفالدي.

البرازيلي غوميز يقود حملة لاكتشاف المواهب الشبابية في الإمارات

المصدر: البيان - رشا المالح
بدأت مجموعة من الشركات الخاصة، خلال العقد الأخير، المساهمة في تفعيل دورها المجتمعي، على مختلف الصعد، كتقديم المنح الدراسية، أو دعم بعض الأبحاث والدراسات، والعديد من البرامج التي تفي بغرض تعزيز تطوير بنية المضمون الفكري والابداعي في المجتمع، لتخرج الحملات في هذا الاطار، من نسق مفهوم النجومية، وترسخ كوجهة ايجابية فاعلة، ومثالها: حملة ساعات (جي سي) السويسرية الصنع، الهادفة الى رعاية وصقل مهارات مواهب ابداعية شبابية في دول العالم، ومنها الحملة في الامارات ،والتي يقودها المصور البرازيلي بينو غوميز.


(مسارات) التقت بالمصور الفوتوغرافي في الحملة الترويجية، الشاب البرازيلي بينو غوميز، خلال زيارته دبي، بهدف التعرف على تفاصيل البرنامج الفني للحملة. علماً أن برنامج زيارته لدبي تضمن تصوير مجموعة من المواهب الإماراتية البارزة، التي تتمتع بقدرات فنية لم تكتشف بعد، على الرغم من تميزها.
ما هي خلفيتك الفنية وكيف تم اختيارك كمصور للحملة؟
بدأت رحلتي مع التصوير الفوتوغرافي منذ كنت في السابعة عشرة من عمري، وعملت في العديد من مجالات الفن، كمساعد مصور في عالم الأزياء والإعلانات، وكممثل مسرحي، وماكيير. وجميع تلك الاعمال أضاف لتجربتي مع مضي السنين. أما اختياري كمصور للحملة، فكان خلال فترة استقراري مع زوجتي في سويسرا، قبل خمس سنوات، حيث عملت في التصوير، وكذا تابعت كتابة عمود صحافي في مجلة (أوبن). وفي أحد الأيام، قبل عام تحديدا، اتصلت بي المديرة التنفيذية للحملة، بعد قراءتها لعمودي في احد اعداد المجلة، وزارتني في الاستوديو واطلعت على تجربتي ورؤيتي الفنية التي تحمل الكثير من الأفكار الجديدة. وبعد سنة، جاءني اتصال منها، تخبرني فيه باختياري كمصور للحملة.

روح فنية
ما نقاط ومكمن تميزك كمصور؟
انا امتلك منهج ورؤية عمل خاصين في هذا السياق، حيث أبدأ أولاً بدراسة المشروع تبعاً لنوعيته، فإن كان على صعيد الأزياء فإنني اشرع بمشاهدة المجموعة كاملة، لأنتقل بعدها إلى روح الفنان لأتخيل الأجواء العامة التي تتناسب وروح الأزياء المقدمة، ابتداء بمسرح التصوير، لادرس جملة حيثيات، مثل:
هل هو موقع خارجي أم داخلي؟
ضمن المدينة أو في الطبيعة؟
هل هو في قصر أو مكتب عمل؟
وهكذا، حتى أختار بعدها نوع المكياج الذي يبرز جماليات كل تصميم. وحين يكتمل التصور في ذهني، اباشر عملية اختيار مواقع التصوير.
ما هي تفاصيل الحملة ووجهتها؟
تعتبر هذه الحملة، الأولى من نوعها، فهي لم تقتصر على الترويج لمنتجها من خلال ربطه بأسماء رواد في الأدب والفن، بل تسعى إلى إبراز الفنانين المغمورين، وتسليط الضوء على قدراتهم الفنية، أي التركيز على الإنسان كعنصر أساسي في الحملة. أما الإعداد لها بصورة عامة، فبدأ منذ عام تقريباً. واستغرق البحث عن الفنانين المغمورين في الإمارات، بالتعاون مع مجموعة أحمد صديقي وأولاده، حوالي الاربعة أشهر، وهم من مختلف امارات ومناطق الدولة، كالفجيرة ودبي وعجمان.
ويتمثل دوري بزيارة هؤلاء الفنانين الذين يملكون طاقات فنية استثنائية في بيوتهم أو مشغلهم، والتقاط صور لهم خلال عملهم على مشروعهم الفني، لتكون الساعة في كادر الصورة، عنصراً ثانوياً. وما سعيت إلى إبرازه في كل صورة من هذه الصور، ماهية حضور هؤلاء المبدعين، وتميز شخصيتهم وروح الفنان فيهم، والكثير من الصور هي بالأبيض والأسود. ولا يتوقف مشروع الحملة عند هذا الحد، حيث ستصدر الشركة بعد عامين، كتابا يضم جميع صور الفنانين وأعمالهم، مع نبذة عنهم، سيطبع في إيطاليا وفق المواصفات العالمية. علماً أن مجموعة ساعات (جي سي)، وضعت نوعية تصاميم تماشي وتواكب الحملة، تلائم تميز الإنسان وخصوصيته، بأسعار معتدلة.

أسماء
هل لك أن تذكر أسماء بعض الفنانين الذين تم اختيارهم من الإمارات والسعودية؟
اخترنا فنان الخدع البصرية السعودي ممدوح المرزوقي، والذي أدهشني بمهارته وقدراته، اذ انها تذكرنا بالفنان الأبرز في التاريخ، الهنغاري الأصل الأميركي الجنسية هاري هوديني (1874 1926). وكان المرزوقي تلقى تدريباً مكثفاً على يد المحترف العالمي جيف مكبرايد، في مدينة لاس فيغاس الاميركية. وهناك ايضا، المصورة الفوتوغرافية سارة، ذات السبعة عشرة ربيعا، وهي موهوبة جداً. ويعتبر نتاجها استثنائياً على مستوى يتجاوز الهواية، ليصل حد الاحتراف والفن. وكذلك الطاهية لولوا العزة، والشاعرة مي الكتبي.
أما من الإمارات فهناك قائمة من الفنانين الذين سيتم الكشف عن أسمائهم خلال انطلاق الحملة الترويجية في منتصف شهر أكتوبر المقبل مع معرض خاص بصورهم خلال تنفيذ أعمالهم الفنية، وسيكونون بمثابة مفاجأة على الصعيد الفني. من ضمنهم التشكيلية العُمانية الفنانة شيماء المغيري (16 عاماً) المقيمة في الإمارات والتي ترسم بالرمال، وتمتلك موهبة استثنائية في الرسم بإيقاع سريع، إلى جانب مصور فوتوغرافي وتشكيلية من الفجيرة، وعدد من الفنانين المقيمين.

عامان
ما مدة الحملة؟
تستمر الحملة لمدة عامين. وقدمنا معارض الحملة في أربعة بلدان، حتى الآن، وسننظم الخامس قريباً، في دولة الإمارات. وبعد انتهاء الجولة يقدم معرض شامل لكافة الفنانين الذين شاركوا في الحملة. واخترنا من سويسرا، خمس فنانات، يعملن في تخصصات مختلفة، وايضا مصورة فوتوغرافية من المملكة المتحدة.
هل تركت جولاتك ولقاءاتك مع الفنانين أي أثر عليك؟
بالتأكيد، وفي كل زيارة كنت أكتشف المزيد عن الحياة، وأتعلم من الطاقات الإبداعية التي التقيها. ففي جدة، شاهدت الرفاهية بحد ذاتها، وزرت العديد من المواقع التي تحمل لمسات الإبداع، ومن خلال لقائي بالفنانين، تعرفت على ثقافة المنطقة وأصالتها، والجمع بين الكبرياء والانضباط.
وسأتحدث عن انطباعي عن زيارتي للإماراتي من خلال مؤتمر صحافي خاص بالحملة، يعقد في شهر أكتوبر المقبل.
من صاحب فكرة الحملة ؟
إنه بول مارسيانو، مؤسس أزياء (غيس) وامبراطورية ثقافة العيش، حيث استلهم فكرة الحملة من حلمه القديم بإطلاق ساعة يعتمد تصميمها على رؤيته لاسلوب العيش وتميز شخصية الفرد في المجتمع، بما يتصف به من قدرات وطاقات إبداعية. وكان من الطبيعي أن يربط منتج هذا الساعة بالمجتمع وتفرد الإنسان. وهذا الاهتمام يبدا بأدق التفاصيل، من علاقة الفرد بالزمن، وإلى التصاميم الخاصة بكل حقل من التميز في الحياة، مع التركيز على الإتقان وجودة النوعية.

نحو البعد الثلاثي
ما رؤيتك لمستقبل التصوير الرقمي، وللفارق بينه وبين التصوير في الفيلم؟
سيتجه التصوير الرقمي في المستقبل، إلى البعد الثلاثي، ليكون الفن السائد والمعتمد عليه. وأما التصوير بالفيلم، فسيبقى فناً قائماً له جمهوره ومتذوقوه، خاصة وأنه يمثل حنيناً إلى الماضي، كبقية الفنون الكلاسيكية التي تبقى مكانتها في عالم الفن على مر التاريخ. والتصوير بالفيلم يلتقط حالة ومزاجا ما، كالسينما والتلفزيون. أما التصوير الرقمي فهو أشبه بالانترنت، كونه يلتقط الضوء بدقة أكبر، ما يلغي أجواء الحالة أو مزاجها.


سيرة مارسيانو

ولد مصمم الأزياء الايطالي بول مارسيانو، في المغرب (مغربي الأصل)، في عام 1952. وعاش في مرسيليا بفرنسا. كما أسس دار وشركة (غيس) للأزياء، بالشراكة مع إخوانه الأربعة : بول وأرماند وموريس وجرجس.


بينو غوميز

ولد بينو غوميز في العام 1974، في البرازيل. وبدأ العمل والممارسة في التصوير، منذ كان في الـ 17 من عمره. واشتغل في العديد من حقول الفن، كالتصوير والتمثيل والمكياج. ومن ثم انتقل، قبل خمسة أعوام، إلى سويسرا. ويقيم مع زوجته، حالياً، في مدينة نيويورك، اذ يعمل في مركز الفنون بأميركا. وتميزت صوره بفرادة اللقطة والفكرة، وايضاً خروجه عن المألوف.

كوكو شانيل مر آة للأزمنة الحديثة

تعتبر مصممة الأزياء الفرنسية كوكو شانيل (1883 1971) ظاهرة كسرت مجموعة من المفاهيم والأعراف التي كانت سائدة في زمنها، فهي أول مصممة أزياء أو امرأة عاملة في مهنة الخياطة، اخترقت المجتمع المخملي وعالم الفن والأدب، لتتربع على قمة المجد والشهرة طيلة حياتها المهنية، وحتى وفاتها.

كوكو شانيل مصممة الأزياء الفرنسية، امرأة استطاعت بإرادتها القوية وموهبتها وذكائها أن تنتشل نفسها من قدر الفقر المحتوم على من نشأ من أمثالها في ملاجئ الأيتام، إلى عالم الأثرياء لتؤسس مفاهيماً جديدة لأزياء المرأة، ولتصبح سيدة الأعمال الأكثر ثراءً بين نساء جيلها.
وكأية شخصية، شكلت ظاهرة في زمنها وما بعده، ومرجعاً للعديد من الأكاديميين والباحثين سواء على صعيد مسيرتها الحياتية، أو إنجازاتها وحتى صداقاتها، لتكتب سيرتها الذاتية من قبل العديد، وليتم الكشف في كل كتاب عن وجه جديد من تاريخ حياتها.

محطات
مرت شانيل واسمها الحقيقي (غابرييل بونهور شانيل) في حياتها بالكثير من المحطات، منذ مغادرتها ملجأ الأيتام حينما كانت في الثامنة عشر، لتبدأ من عاملة في متجر للأقمشة، إلى الغناء فصانعة قبعات، فمصممة أزياء وسيدة أعمال من الطراز الأول.
ومما لا شك فيه أنه كان لنشأتها دور كبير فيما وصلت إليه من نجاح وشهرة. وتمثل تأثير نشأتها في الجانب الأول من خلال معاناتها من الفقر واليتم، ومن جانب آخر غياب الخطوط الحمراء المتمثلة بأعراف وتقاليد المجتمع التي تحدد بصورة ما مسار حياة الإنسان.
انطلقت من الميتم، بعدما تسلحت بمهنة الخياطة وما اكتسبته من خبرة أوسع في الحياكة لدى أقربائها حيث أمضت عطلاتها خلال سنوات حياتها في الملجأ ما بين سن الثانية عشر والثامنة عشر. وكان هاجسها آنذاك تجاوز خط الفقر بلا عودة. وبدأت بالعمل إلى حين في أحد متاجر القماش، ومنه انتقلت إلى العمل كمغنية في بعض المقاهي والحانات، حيث اكتسبت لقبها (كوكو) من خلال أغنيتين ارتبطتا بها.
ونذكر قبل التحدث عن تجربتها كمصممة أزياء للعروض المسرحية وفي السينما، بدايات تجربتها العملية مع التصميم بعد تركها تجربة الغناء عام 1908 والتي استمرت لمدة ثلاث سنوات نتيجة فشلها في الحصول على عمل ثابت كمغنية، لتفتتح بعدها أول متجر لها في باريس عام 1910 .
وعرضت فيه قبعات النساء من تصميمها، أما تمويل المتجر فحصلت عليه من عشيقها الفرنسي الثري إيتيان بالسان، ولاحقاً من عشيقها البريطاني الشاب كابتن آرثر إدوارد (بوي) كابل الذي استمرت صداقتها معه حتى وفاته بحادث سيارة عام 1919، علماً أن كلاهما أدخلها في نسيج المجتمع المخملي.

بدايات النجاح
بذكائها استثمرت شانيل علاقاتها الاجتماعية، لتجذب إلى متجرها سيدات المجتمع المخملي اللواتي أعجبن بتصاميم قبعاتها الأنيقة والبسيطة. وسرعان ما فتحت فروع لها في باريس أيضاً، ودخلت عالم التصميم لتكون أول من حرر النساء من عرف استخدام المشدات التي تضغط على أجسادهن.
كما كانت الأولى في استخدام قماش (الجورسيه) في أزياء النساء عام 1920. ولاقت تصاميمها المريحة من القمصان والأطقم (تايور) والبنطال والتنانير القصيرة نسبياً مقارنة بما قبلها، نجاحاً كبيراً ورواجاً واسعاً.

احداث وظروف
قدمت شانيل في عام 1922 عطر (شانيل رقم 5)، الذي لا يزال يلقى رواجاً حتى يومنا هذا، والذي جنت من خلاله الملايين، خاصة خلال فترة الحرب العالمية الثانية حيث استغلت علاقتها بالنازيين لتتقدم بشكواها ضد شركة الأخوين اليهوديين ويرثايمر التي أنتجت العطر، بهدف زيادة نصيبها من الأرباح والذي كان 10%، وبلغت ما جنته خلال فترة الحرب بما يعادل في زمننا تسعة ملايين دولار.
ونتيجة علاقتها العاطفية مع أحد الضباط النازيين تمت محاكمتها، مما دفعها إلى مغادرة بلدها والاستقرار في سويسرا لتبقى فيها حتى حقبة كاملة حتى عام 1954. ومع عودتها إلى باريس استطاعت بعد زمن قصير، استعادة مكانتها في مقدمة دور الأزياء، وحظيت بشعبية واسعة في أوروبا وأميركا باستثناء فرنسا التي لم تنس تاريخها مع النازيين.

في السينما
تعرفت شانيل عام 1931 في مونت كارلو ومن خلال صديقها الدوق الكبير دميتري بافلوفيتش ابن عم قيصر روسيا، على منتج أفلام سينما هوليوود صاموئيل غولدوين (1879 1974)، الذي عرض عليها ملايين الدولارات (ما يعادل 75 مليون في الحاضر) مقابل قدومها إلى هوليوود مرتين في العام، لتصميم أزياء نجوم ممثلي شركة الأفلام (إم. جي. إم). وكانت تسافر من نيويورك إلى كاليفورنيا بقاطرة بيضاء خاصة بها ومجهزة بكافة أنواع الرفاهية. وقالت في إحدى المقابلات الصحفية عامة 1932، (سأرى ما الذي ستقدمه لي السينما وما الذي سأقدمه لها).
كان هدف غولدوين من دعوة شانيل، جذب شريحة واسعة من النساء إلى السينما لمشاهدة الأزياء المعاصرة بهدف التغلب على أزمة كساد السينما في إطار الأزمة الاقتصادية التي كانت تواجهها أميركا آنذاك.
وسرعان ما أدركت شانيل ما تعنيه لها سينما هوليوود بعد أن صممت أزياء ثلاثة أفلام هي، (أيام رائعة) عام 1931، (إما الليلة أو ...) في العام نفسه، وفيلم (لليونانيين كلمة لها) عام 1932، فعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققته الأفلام الثلاثة، غادرت شانيل هوليوود بلا عودة، فقد واجهت صعوبة في تقبلها لفكرة أن تكون تابعة للنجوم، إلى جانب رفض بعض الممثلات ارتداء أزيائها التي لم تتضمن في رأيهن ما يكفي من الإثارة. ومن أبرز الممثلات اللواتي ارتدين أزياءها كاثرين هيبورن، وغريس كيلي وإليزابيث تايلور وغلوريا سوانسون.
أفلام عن شانيل
حمل أول فيلم تناول جانباً من حياة شانيل عنوان (سوليتير شانيل) عام 1981، وهو من إخراج جورج كازيندر، ثم تبعه فيلم (كوكو قبل شانيل) عام 2009 ويتناول قصة طفولتها وقامت بدور البطولة فيه أودري توتو المتحدثة الجديدة باسم شركة شانيل. أما فيلم (كوكو شانيل وإيغور سترافينسكي) عام 2009 فهو من إخراج آنا موغلاليس ومادس ميكلسن، ويتناول العلاقة بينها وبين ذاك الموسيقي.

روايات عن شانيل
كتب كريس غرينهالغ رواية (كوكو وإيغور) عام 2003 والتي تحولت إلى فيلم سينمائي فيما بعد، وتناول فيها الجانب الإبداعي من العلاقة بين الاثنين. وفي عام 2008 نُشر كتاب الأطفال (مختلفاً مثل كوكو)، ويتناول طفولة كوكو المتواضعة، وتواريخ تطورها الدرامي في عالم الأزياء.
وفي عام 2009 نشرت رواية (الانجيل تبعا لكوكو شانيل: دروس من الحياة من عالم سيدة الأناقة الأولى) للكاتبة كارين كاربو. وظهرا مؤخراً كتاب عن سيرة حياتها بعنوان (كوكو شانيل: حياة عاطفية) للكاتبة ليزا شاني والذي أثار اهتماماً كبيراً نظراً لكشفه جانباً جديداً من حياتها الشخصية.

حمى الاستقطاب مستمرة بين الإنترنت والوسائط القديمة

اختلاف آراء المتلقين بين الوسائل السمعية البصرية الافتراضية والورقية

فرضت إشكالية المعلومة المنقولة علينا في الزمن الراهن البحث عن الوسيط الأقرب إلينا، لا سيما بعد ولادة الشبكة العنكبوتية، وتعدد وسائط النقل من الإنترنت إلى المطبوعات والفضائيات، وتحول الناقل للمعلومة إلى وسيطٍ غير محايدٍ في معظم الأحيان.
ومع شيوع استخدام الشبكة العنكبوتية، تحوّل الوسيط الإعلامي التقليدي تدريجياً باتجاه (الصحافة المواطنية) كما يذكر كلود يونان في كتابه الجديد (التضليل الكلامي وآليات السيطرة على الرأي)، وذلك بمساعدة (فيسبوك) و(تويتر) والمواقع الالكترونية الخاصة.
الوسائط القديمة
لم يهيمن هذا التحول السريع على جميع شرائح المجتمع، إذ لا يزال هناك من يتمسك بالصحيفة أو المذياع أو التلفزيون كمصدر للمعلومة الخبرية، للخروج بتحليله الأولي عبر المقارنة بين الصحف أو بين المحطات.
أما الوسيط الناقل للمعلومة الشاملة ببعدها التحليلي التاريخي، فيرجع إلى قنوات أخرى منها الكتب والمجلات المتخصصة، أو نشرات مراكز الدراسات، أو المسرح، أو الأفلام الوثائقية والدرامية، أو البحوث المنشورة على الانترنت، كما يرى محمد المر، نائب رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، بقوله (الوسيط الثقافي الذي أعتمد عليه لتلقي المعلومة، الإنترنت بالدرجة الأولى لكونها الأسرع، لانتقل من المصادر الإخبارية إلى المواقع الأدبية، وكل ما له علاقة بالذاكرة العربية من الخطب السياسية في الستينات والسبعينات إلى زمن أغنية الطرب العربي.
هذا الوسيط يتطور بشكل عجيب في الغرب، مثل الكتاب المسموع باللغة الانجليزية للعديد من الروايات الكلاسيكية العالمية وبالمجان، كذلك الأمر بالنسبة للمحاضرات والدراسات التي قدمتها كبرى جامعات العالم في شتى الحقول كالتاريخ والفلسفة والأدب، لا سيما قبل ثلاث أو أربع سنوات).
تفاؤل صباحي
فيما تقول الكاتبة مانيا سويد المقيمة في الإمارات: (أبدأ صباحي في السابعة والنصف بقراءة صحيفتيّ البيان والخليج، لأبدأ من الخلف إلى الأمام، وفي المقدمة رسم الكاريكاتور في صحيفة البيان. وأبدأ من الصفحات الأخيرة لأكتسب جرعة من التفاؤل والثقافة قبل دخول الأحداث الدرامية في صفحات الأخبار والسياسة.
انتقل بعد ذلك إلى الانترنت، للقيام بجولة سريعة لا تتجاوز مدتها 10 دقائق لتفقد الـ "فيس بوك"). لكنها تحبذ المعلومة الشاملة (أحب وسائط الفنون إلى السينما، التي تمنحني رؤيا أوسع، مثل فيلم (آفاتار) الذي يحتمل الكثير من القراءات، كطمع الغرب بأماكننا المقدسة وخيراتنا وثرواتنا، حيث أقرأ بين السطور ما يطرحه الغرب من منظومات ليست في صالح الأمم الضعيفة).
العقل البارد
يعتمد عبدالحميد أحمد رئيس تحرير صحيفة "غلف نيوز" على وسائط مختلفة ويقول، (أبدأ صباحي عادة مع الجرائد بحكم مهنتي، ومعظم الأخبار المنشورة فيها نكون قد شاهدناه عبر وسائط أخرى في اليوم السابق، وعليه فإن ما أركز عليه في الصحف المقالات والتقارير والدراسات.
بعد ذلك أفتح هاتفي المتحرك، لأتابع ما تلقيته من أخبار عبر خدمات وسائل الإعلام خلال مساء الأمس، والمستجدات. وفي حال أثار اهتمامي خبر ما، أبحث عن تفاصيله في المواقع الالكترونية للصحف، وإن كان الخبر ذا أهمية أتابع التغطية الميدانية المباشرة في القنوات التلفزيونية.
وفي حال كنت على سفر، أتابع التويتر التي تشمل عناوين الأخبار التي تقدمها الصحف، أما الموضوع الذي يحظى باهتمامي الأكبر فأتابع ما يكتبه الأفراد من موقع الحدث).
فيما يتعلق بالوسيط الثقافي الخاص بالمعلومة الشاملة يقول، (ألجأ خلال البحث عن معلومة (العقل البارد) إلى قراءة الكتاب. وإن توفر عمل مسرحي أو سينمائي ينقل المعلومة بإطار تاريخي واقعي، فالوسيط عندها يجمع بين المعلومة والجانب الترفيهي. ونظراً لإيقاع الحياة السريع، أفضل مشاهدة الفيلم السينمائي المقتبس عن رواية ذات أهمية).
الشباب والوسائط
ويعتمد الكثيرون على البلاك بيري لأنهم لا يتوفر لهم على الوقت اللازم لتصفح الشبكة العنكبوتية، أما لمشاغلهم أو لسرعة استلام الخبر. هكذا تختلف الوسائط التي تنقل المعلومة، فالشابة فاطمة ابراهيم، خريجة جامعة زايد، فتعتمد على مصادر أخرى مثل التويتر: (أبدأ صباحي بمراجعة التويتر، لأنها تقدم جميع عناوين وأخبار الصحف في سطر واحد، كذلك الأمر بالنسبة لأعمدة الكتّاب.
أما البعد الأشمل للمعلومة فأبحث عنه في الأفلام الوثائقية المتوفرة على الانترنت أيضاً). وقد أخذ توتير مساحة كبيرة من تفكير الشبان، الذين ولودوا تقريباً مع ولادة الوسائط الحديثة، وهم أكثر التصاقاً بها عن غيرهم من كبار السن.
مصادر معرفية
ويتفق الشاب حمد بن حاضر، مع فاطمة إبراهيم الذي يبدأ يومه بالتويتر أيضا، وإن كان يميل إلى مشاهدة السينما، كمصادر معرفية أخرى، خاصة وأنه يدرس الإنتاج السينمائي حالياً: (أحب الأفلام الخيالية ذات الانتاجية الضخمة التي تدور أحداثها خارج الاستوديوهات، ولا يتحكم فيها المنتج كالأفلام الهندية ذات الميزانية الضخمة).
فيما يفضل شقيقه الأكبر خالد، الذي يدير منتجع دبي مارين وأعمال العائلة، الانترنيت: (أتلقى المعلومة من الانترنت، وأبدأ صباحاّ من زاوية دوت كوم، وبعدها مواقع الأخبار العربية للاطلاع على المعلومة الاقتصادية والسياسية وما يرتبط بالعمل. أما متعتي الثقافية فمع الكتاب، وللأسف لا يتيح إيقاع الحياة السريع، تخصيص زمن كافٍ له).
وسيط مفضل
وترجح مجدداً كفة المطبوعات مع سالم باليوحه في هيئة دبي للثقافة والفنون، حيث قال: (منذ زمن طويل، استهل صباحي بقراءة الجريدة لمدة نصف ساعة، أما ما يأتي بعد ذلك فهو غالباً تكرار لخبر الصباح. أفضل الجريدة لكونها تلم جميع الأخبار.
أما صحيفتي المفضلة فهي (البيان)، وأحيانا (الإمارات اليوم)، وإن كنت لا أميل كثيراً لتوجهاتها التي تتجاوز الموضوعية لصالح التسويق، مع حضور للمعلن. كما يشكل إخراج الصحيفة عاملاً إيجابياً في اختياري للصحيفة، أما بقية الصحف فأقرا أعمدة بعض كتابها على الانترنت.
كما أني لا أحتمل خدمة الأخبار على الهاتف على مدى 24 ساعة، فهي تستهلك من طاقة الإنسان وتركيزه). ويرى على خلاف قطاع واسع من الجمهور أن الكتاب هو الوسيط المفضل دون منازع عنده، مضيفاً ( آخر كتاب قرأته عن مؤسسة تويوتا للسيارات، أضخم شركة في اليابان، حيث تعرفت على آلية عمل المؤسسة وسياستها الإدارية، التي لم أقرأ مثيلا لها في الكتب، حيث اعتمدت في نجاحها على اختلاف وجهات النظر، فالاختلاف عندنا لغة سلبية، بينما عندهم عامل إيجابي، وهو السر وراء نجاح هذه الأسطورة العالمية. وهذا الكتاب من أهم الأعمال التي ترجمتها مؤسسة محمد بن راشد).
شاشة التواصل
يختلف الدكتور عبد الواحد لؤلؤة، المقيم في الإمارات عن الآخرين، حيث يقول: (أبدأ صباحي بمتابعة الأخبار على التلفزيون، لأبدأ بمحطة الجزيرة ثم الــ"بي بي سي". أما على صعيد المعلومة الشاملة فألجأ إلى الكتاب والأفلام الوثائقية التي لا تزيد مدتها عن نصف ساعة والمرتبطة بفلسطين والعراق والتي أبحث عنها في المحطات الفضائية.
وعندما امتلك فسحة إضافية من الزمن، أقرأ الكتب. وآخر ما قرأته كتاب (نظرات جديدة في أدب العراق القديم) للشاعر سامي مهدي، ويحكي الكتاب عن الحضارات القديمة كالسومرية والبابلية. واطلاعي على معلومات وآراء جديدة يكسبني متعة إضافية).
وتتفق الفنانة والممثلة لارا ماتوسيان، المقيمة في الإمارات مع فكرة الاعتماد على تصفح الجرائد: (أبدأ صباحي تبدأ بتصفح 4 جرائد هي "ذا ناشيونال"، و"خليج تايمز"، و"غلف نيوز"، و"7 ديّز"، وأتابع بعدها الأخبار والأحداث على التلفزيون. أما الوسيط الذي أنشد من خلال المتعة المرتبطة بالمعرفة فهو السينما). وهو ما تراه مريهم بهنام، (الفائزة بجائزة امرأة العام من مجلة ــ المرأة الإماراتية ــ لعام 2010).
الورق والقهوة
وتقول إيزابيل أبي الهول، (لدهشتي أحب الكتنولوجيا الحديثة وما أضافته لحياتنا. وأمضي الفترة الأولى من صباحي في البحث عما يحدث في العالم المحيط بنا، سواء كنت في البيت أو خارجه. ما أزال أحب علاقتي بالورق، وتشكل هذه العلاقة جزء من صباحاً مع فنجان من القهوة الكثيفة! كما لدي اشتراك مع الموقع الالكتروني لصحيفة (تايمز أوف لند) في جهاز الآي باد الذي أجده مفيداً جداً، والذي يقدم لي ما يستجد من أخبار على مدار اليوم والتي أرجع إليها لاحقاً.
كما أجد المذياع والتلفزيون وسيطا مهما لتقديمه قصص أخبارية لكنه ليس بديلا عن الكلمة المكتوبة)، تنتقل بعد ذلك إلى المعلومة الشاملة وتقول، (الكتب بنظري، الوسيط الثقافي الأكثر أهمية كمصدر للمعلومة والآراء.
كما أرجع إلى بعض المصادر في الانترنت، لكني أحب التدقيق في المصادر إما من خلال المكتبة أو من مجموعة كتبي الخاصة. يلي الكتب، وسيط الفيلم الذي أجد فيه متعة كبيرة خاصة الأفلام المترجمة. فمن يكلف نفسه عناء ترجمة الفيلم، فلأنه يقدم بصورة عامة معلومة تتجاوز المفهوم الترفيهي. يضاف إليه المسرح وأية تجربة ثقافية ميدانية كمهرجانات الأدب، ونوادي الكتب وغيرها، والتي تعتبر من الوسائل الشيقة لمعرفة كيف نفكر. كما أحب في الفنون رقص الباليه والموسيقى الكلاسيكية خاصة حينما تقدم بصورة فنية راقية.
والكتاب الذي وصلت إلى منتصفه في القراءة هو رواية بعنو (الخيط) لفيكتوريا هيسلوب، وتدور أحداثها في مدينة تسالونيكا اليونانية عام 1900).

الفن أرجوحة الإنسان

تُرى، هل انجذاب الإنسان إلى الفنون متبدل أم ثابت؟ وهل للعمر علاقة بنوع الفنون التي يتأثر بها أو ينجذب إليها؟ إنه سؤال واسع ومفتوح، حيث تصعب الإجابة عنه بدقة، أو باعتماد قواعد ونظريات، ولكن يمكن الاجتهاد في تقديم تصور شامل مفتوح من خلال ارتباط العمر بالبيئة والثقافة.

علينا أن ندرك في البداية، أن تأثر أو اهتمام الإنسان بالفنون من أدب وتشكيل وموسيقى وغيرها، يختلف من شخص إلى آخر، تبعاً للبيئة وللمرحلة العمرية، وكذا التجربة الشخصية، سواءً في الحياة أو في محيط الفن، لتصبح العلاقة بذلك، إما في إطار الاهتمام العام دون تحديد، أو الميل إلى أحد الفنون دون غيرها. وما يمكن قوله في إطار المقاربة، يتلخص في أن الإنسان يصبح أكثر انتقائية في علاقته بالفنون مع تقدمه بالعمر. والانتقال إلى المقاربة يعني تقسيم رحلة الإنسان في الحياة إلى اربع فئات عمرية:
الطفولة، المراهقة والشباب، النضج (تكون نتاج دخول الشباب معترك الحياة وحتى الأربعينات من العمر)، الكهولة. وفيما يقول البعض إن اهتمام الإنسان بالفن يقل مع التقدم بالسن، فإن البعض الآخر يقول إن العكس هو الصحيح.

علاقة وارتباط
لابد قبل تناول كل فئة على حدة، أن نأخذ في الاعتبار ارتباط نشأة الإنسان ببيئته الفنية، فعلى سبيل المثال تعتبر الموسيقى الكلاسيكية في النمسا والبلدان المجاورة، من أنواع الفنون التي تألفها أذن الطفل منذ ولادته، وفي الصين فنون الورق، وفي بعض البلاد العربية الشعر وأخرى الغناء الطربي، وفنون السجاد، كما في إيران وباكستان، أما حديثاً فبدأ فن الجداريات في الولايات المتحدة.

مرحلة الطفولة
أكثر الفنون التي تجذب الأطفال هي تلك المرتبطة بالألوان والصوت والصورة الحركية، حيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ، من اكتشافهم لمفردات العالم الخارجي، فمن خلال اللون يكتشفون قدراتهم على تشكيل عالم قريب من مخيلتهم. أما الخطوط فهي فرصة لتقليد الكبار. ومرة أخرى وتبعا للبيئة، فإنهم إما يشكلون من الطين منحوتاتهم الخاصة، أو من القصب وألياف الشجر. أما الموسيقى فترتبط عندهم بالغناء الذي يشيع البهجة في نفوسهم. وتركز البلدان المتطورة على تقديم أكبر قدر ممكن من الفن للأطفال بهدف تطوير مداركهم، وبالتالي تساعدهم على إدراك ميولهم الفنية في وقت مبكر، فالثقافة الفنية البصرية والسمعية تساعد الطفل على اكتشاف وتنمية مواهبه. كما يعتمد الأطفال في هذا السياق، على تراكم مخزون الذاكرة، فالطفل لا يدرك حين يذهب في زيارة إلى متحف فني، طبيعة الفارق بين اللوحة وإطارها، أو بين الجوكندا والفن المعاصر، أو السيمفونية والأغنية التي يسمعها من والدته قبل نومه، لكن عملية التراكم، تمهد لاحقاً للإبداع.

الفن كعلاج
لا يغيب عنا في هذه المرحلة، العلاج بالفن كوسيط أو وسيلة للتواصل مع عوالم الطفل الداخلية، والتي يتم ممارستها حالياً من قبل مختصين في المعالجة النفسية الذي يتعاملون مع الأطفال والمراهقين وأحياناً الكبار، ممن تعرضوا لأزمة أو صدمة نفسية، حيث يستطيعون من خلال الرسم إما التعبير عما يعتمل في أعماقهم، أو كوسيلة لتجاوز وتقبل محنتهم. ومثال على ذلك كلٍ من الفنان الإسباني فرانشيسكو دي غويا (1746- 1828)، والمكسيكية فريدا كالو (1905 1954).
تحول غويا الذي يعتبر مـــن أهم الفنانين الأسبـــان فـــي أواخـــر القرن الثامن عشر وأوائــــل التاسـع عشر، في رحلتـــه مـــع الفن، من لوحات تعبر عن أقصى حالات التألق والتوهج اللوني، إلى الألوان الكامدة والقاتمــة المحملـــة مواضيعهـــا بالتشاؤم ليعكس من خلالها مصائب الحرب الأهلية ما بين الأعوام 1810 و1820.
أما فريدا فلجـــأت إلى الرســم بعدمـــا وجـــدت نفسها طريحـــة الفراش غير قادرة على تحريـــك جسدها إثر حـــادث مــــرور أصابها عام 1926، وخلال فترة علاجها التي امتــدت لأشهر طويلة بدأت بتطوير مهـــاراتها الفنية لقتــــل الوقـــت بدايـــة، وليصبح مع مرور الأيام والأشهر والسنين، محور حياتهـــا وإبداعها، وجميع أعمالها كانت تعبيراً عن ما يجول في أعماقها من معاناة.

مرحلة المراهقة
يشكل المراهقون في أي بلد كان، ثقافة خاصة بهم. وتأخذ تلك الثقافة طابعاً مميزاً ابتداء من الملابس إلى المفردات المستخدمة. ويستأثر باهتمامهم من الفنون، الموسيقى والشعر بالدرجة الأولى.
لتأخذ الموسيقى الصاخبة الحيز الأكبر من الاهتمام، والمرتبطة في كثير من الأحيان بالرقص، مثل (بريك دانس) الذي يتطلب العديد من المهارات الرياضية. وكذلك الأمر بالنسبة للشعر وكتابة اليوميات، حيث يجد المراهق في الشعر، الوسيلة للتعبير عما يخالجه من انفعالات مكثفة، يجد نفسه غير قادر على احتوائها أو فهمها.
وفي رحاب الفن السابع، يميل الشباب إلى أفلام الحركة والعنف، والفتيات إلى الأفلام العاطفية والدرامية، ومثال على ذلك السينما الهندية في منطقة الخليج، التي تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام وثقافة المراهقات، وحتى بالنسبة للعربيات المقيمات في الدولة. وأما على صعيد الكتاب، فتميل الأغلبية إلى قراءة الرواية البوليسية والمغامرات، مع اهتمام كبير من جانب الفتيات بالروايات الرومانسية.

مرحلة الشباب
تتبلور في هذه المرحلة اهتمامات المراهقين، لتصبح، إما أكثر انتقائية وجدية ومثابرة، أو لتبقى مجرد مرحلة من الماضي، لتلعب البيئة دوراً كبيراً في تعزيز شعلة الإبداع أو إخمادها. ويميل الشباب في هذه المرحلة إلى ما يتناسب مع اهتماماتهم إما الفكرية أو الفنية، ليبحث كل منهم عن مغنيه الأقرب إلى نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للشعر والرواية والمسرح والموسيقى.

مرحلة النضج
يبدأ الإنسان بعد الأربعين برؤية حياته كعمل فني بحد ذاته، فمع نضجه يصبح أكثر شمولية مع نفسه والمحيط، حيث يبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، ليتلمس من خلالها الأجوبة الروحية والمادية. كما يكتسب في هذه المرحلة أيضاً، القدرة على الصبر والسيطرة على انفعالاته كالغضب والقلق وغيرها. وعليه يبدأ البحث في عوالم الفن، عن الوسيلة الأقرب إلى روحه لكي يستطيع تفريغ تلك الانفعالات، فنجد اهتماماً أكبر بانتقاء مجموعته الموسيقية، أو حرصه على زيارة المعارض الفنية، أو تعويض الإحباط الخارجي بإشباع روحه وفكره. ويتراوح تفاعله مع الفن في هذه المرحلة تبعاً لحجم تجربته الحياتية وأبعادها، ليصبح أكثر انجذاباً وميلاً إلى الفن المرتبط ببعد فكري أو فلسفي، فنجده تارة يبحث في القصيدة التي تعكس أبعاد ما وصل إليه في فهمه للحياة، وأخرى في الأغنية التي تستطيع أن تنتشله من واقعه ليحلق في عالم روحي يمنحه الراحة والسكينة. وكذلك الأمر مع الموسيقى واللوحة والفنون الأخرى. وأما في الخمسين فترتبـط خياراتـه بواقع رؤيته لتجربته، فمن الناس من يميل إلى التراجيديا ورثاء النفس، وآخرون يبحثون عن الارتقاء الروحي والسمو، ومنهم من يعود إلى جذور فنون بيئته ليعيد اكتشاف جمالياتها بنفسه، ومنهم من يختار العيش بعيداً عن مفردات الفن، كي يحيّد مشاعره بعيداً عن أي تفاعل مهما كان نوعه، وذلك لقناعته بأن الفن حالة من السراب الخادع الذي يحتاجه ضعفاء النفوس. وكما تختلف حالة النضج من إنسان لآخر، كذلك الأمر بالنسبة لعلاقته بالفن، فمنهم من يتعلق بأحد الفنون كمتذوق لها، أو ساعٍ لتعلم تقنياتها ومحاولة امتلاك أدواتها بهدف التعبير عن رؤيته الحياتية من خلالها، وكم سمعنا عن أدباء وموسيقيين ومبدعين حققوا إنجازهم الأول في الخمسين وما بعد من عمرهم.

حالات

ارتبط الفن بالعلاج النفسي منذ القدم، حيث يعتمد هذا العلاج على استخدام وسائطه الفنية كوسيلة أساسية للتواصل. والقائمون على هذا العلاج من المؤهلين المعتمدين، يتعاملون مع الأطفال والشباب والكبار. ويتضمن العلاج المشاعر والسلوك وأية مشاكل مرتبطة باضطرابات عقلية أو صحية. ويمكن أن يقدم هذا العلاج بشكل فردي أو جماعي، تبعاً لاحتياجات الحالة. ومكتشف هذا النوع من العلاج، الفنان البريطاني أدريان هيل (1895 1977)، الذي اقترح على زملائه المرضى القيام بأعمال فنية خلال فترة علاجه بالمصحة من داء السل، ووثق تلك التجربة في كتاب خاص عام 1945، تحت عنوان (الفن في مواجهة المرض).

علاج في السينما

وثق الفيلم الدرامي الأميركي (أناس عاديون)، الذي أنتج عام 1980، أهمية العلاج النفسي بالفن. ويحكي الفيلم قصة عائلة تعاني من موت أحد أبنائها اثر حادث، ما دفع الأخ الأصغر، إلى محاولة الانتحار، وبالتالي البقاء في مستشفى صحي مدة أربعة أشهر. وحصد الفيلم، الذي أخرجه الممثل الشهير روربرت ريدفورد، العديد من جوائز السينما العالمية