بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الخميس، 31 ديسمبر 2015

كل عام وأنتم وبلادنا العربية بألف خير



ارحلي يا حروفيات الحاء والراء والواو والباء بلهبك عنا
وأحلّي علينا ياحروف الـسين واللام والألف والميم برداً وسكينة

كفانا لعباً  بتشظي وبعثرة الحروف
فلنجمعها في العام الجديد بكلمات لها معاني
ترمم الأمل والحلم


الأحد، 27 ديسمبر 2015

سينما: «سارق النور» يجمع الأسطورة والواقع


إيفا داوود موهبة في الإخراج بمعايير عالمية

 دبي ـــ رشا المالح

 (يمكن مشاهدة تريلر trailer الفيلم عبر الرابط https://vimeo.com/117719847)




حالة من الذهول، تهيمن على المتابع للمشاهد الأولى من الفيلم الخليجي القصير «سارق النور»، للمخرجة البحرينية السورية إيفا داوود، ومرد ذلك، محاولته استيعاب فكرة أنه لا يشاهد فيلماً عالمياً بأجوائه وتقنياته وممثليه ولغته، فسرعان ما ينسى نفسه ويستغرق في أحداث الفيلم، بفعل تأثير الموسيقى التي تصعّد من الإحساس بالغموض، وأداء الممثلين وحرفية التصوير لمشاهد مدروسة بدقة، سواء على صعيد جمالية المكان أو تفاعل الممثلين أو أجواء الطبيعة الدرامية.
و«سارق النور»، من الأفلام التي تمكن المشاهد من العيش في أحداث القصة التغريبية برمزيتها، والواقعية بمعانيها، ليتابع تلك المرأة في خريف العمر، التي تراقب أدهم الرجل الوسيم زير النساء، حتى نصل معها إلى بيته، لنكتشف أنه كان يسرق نور الفتاة التي يقيم معها علاقة، لتتحول إلى امرأة منهكة، يغزو الشيب رأسها أسوة بالبطلة.
إيفا تعطي ملاحظاتها قبل تصوير أحد مشاهد الفيلم

ويُحسب للمخرجة، براعتها ودقتها في خلق أجواء تجمع فيها بين الأسطورة والواقع، بأسلوب الأفلام الكلاسيكية العالمية، على الصعيد الفني، ليشكل كل مشهد وإيماءة وحركة، فعلاً له دوره في بناء الأحداث، مثل اللقطة التي تزيد من تصعيد الحدث الدرامي في أحد الأمكنة، حيث تشيح إحدى النساء الجالسات في المقهى، بوجهها سريعاً، خوفاً من مشاهدة أدهم لها خلال مروره بجانبها. يحمل هذا المشهد أكثر من بعد، بداية بمعرفتها لأدهم، وتفادي اللقاء، إلى تعابير وملامح وجهها التي تشبه طير «البوم»، وابتسامتها لاحقاً، التي تنم عن خبث عميق.
إيفا داوود خلال تواجدها في مهرجان دبي السينمائي الدولي
لماذا إسبانيا
التقت «البيان» بعد العرض بإيفا داوود، التي في رصيدها 7 أفلام قصيرة وعدد من الجوائز العربية والعالمية بما فيها «سارق النور»، والتي تحدثت عن خصوصية فكرة الفيلم وأجوائه قائلة: «تولدت فكرة الفيلم، عندما كنت في مهرجان برلين عام 2012، من خلال لقائي بإحدى المشاركات، لأكتب سيناريو الفيلم على مدى عامين. أما فيما يخص التصوير، فاخترت إسبانيا بدلاً من بلد عربي، نظراً لتعاونهم بشأن قيمة التكلفة المالية للتصوير والخدع، خاصة وأن فيلمي غير تجاري. وبعد تصوير أجزاء منه، حصلت على الدعم المالي والتقني منهم، مما ساعدني على إنجازه بالبعد الذي أراه في مخيلتي».

السبت، 26 ديسمبر 2015

خالد الساعي: فن الحروفيات يفتح نافذة على علوم ومعارف العرب



خالد الساعي: الحرف قيمة تشكيلية بصرية يحمل إمكانية تفعيله بأبعاده الفكرية والحسابية والإنسانية



"معظم من دخل هذا الفن إما خطاط أو تشكيلي، وعليه انحصرت جماليات اللوحة في إطار مجتزأ"
دبي – رشا المالح
التاريخ 27 ديسمبر 2015

اللوحة الدائرية مستوحاة من نص للشاعر أبن الفارض

يُفاجئك عالم الفنون البصرية بين الحين والآخر بلقاء يفتح بصيرة المحاور والمتلقي على عوالم بمثابة ثروة من المعرفة، لتدرك أنك في لقاء أشبه بالينبوع الذي لا ينضب بما فيه من علوم ومعارف العرب في الفنون والفلسفة وأسرار علوم الأرقام والفلك. وعليه فمن الطبيعي أن يتخذ الحوار مع فنان الحروفيات التشكيلي خالد الساعي، بعداً أوسع وأعمق وأغنى بانفتاحه على تلك العوالم التي ندر اجتماعها في فنان عربي شاب، ولا عجب أن تحمل تجربته زخم الإبداع الذي حرصت معظم بلدان العالم على استضافته والنهل من معرفته.

بدأت تداعيات الحوار من إحداثيات طبيعة مشاركته في الدورة الأخيرة من معرض "فن أبوظبي" 2015 خلال الشهر الماضي التي قال عنها: "شاركت في المعرض بسبع لوحات تحت مظلة الغاليري السويسري "إيه بي"، وكم كنت سعيداً ببيع جميع لوحاتي التي تمحورت حول "قصة شرقية" في اليوم الأول من المعرض".

مقام النهاوند


توارث الفنون
هذا الإقبال على أعماله دفعنا إلى سؤاله عن خصوصية أسلوبه في فن الحروفيات الذي أقبل عليه نسبة كبيرة من الفنانين العرب في السنوات العشر الأخيرة وبات من الصعب تميز الفنان فيه، وبتواضع قال: "معظم من دخل هذا الفن إما خطاط أو تشكيلي وعليه انحصرت جماليات اللوحة في إطار مجتزأ. أما من يصل إلى التميز في الحروفيات فهو الجامع لكليهما. وأنا تعلمت منذ طفولتي فنون الخط العربي بحكم نشأتي في كنف عائلة فنية غنية بالثقافة والمعرفة والتي توارثت فنون الخط منذ العهد العثماني وحتى اليوم إلى جانب الرسم والموسيقى. وبعد التحاقي بكلية الفنون الجميلة في دمشق تفرغت بالكامل وعلى مدى سبع سنوات بما فيها دراساتي العليا للرسم. عدت بعدها إلى الخط وبعد عامين حصلت على ماجستير في الخط العربي من اسطنبول عام 1997".



دمشق من مقام البياتي الذي يعكس حزنا شفيفاً

عناصر الحروف
ويقول الساعي عن المرحلة التي جمع فيها بين التشكيل والخط: "الحرف قيمة تشكيلية بصرية يحمل إمكانية تفعيله وتثويره ضمن منظومة معرفة الفنان بأبعاده فللخطوط العربية السبعة ما لا يقل عن 70 شكل، إلى جانب انتماء الحرف إما للحروف الهوائية أو النارية أو الترابية أو المائية اللينة. وإن تعمقنا أكثر دخلنا في البعد الصوتي للحروف التي يحمل كل منها رمزه ورقمه. ويتجلى هذا الجانب في الأشعار التي زينت أبواب الجوامع في بداية العهد العباسي، فإن أخذنا أرقام الحروف الأولى من كل كلمة في بيت الشعر، لعرفنا تاريخ تأسيس الجامع، وهذا يحيلنا إلى علم القبالة".

لوحة من بحر الوافر الخفيف المقارب لمقام سيكا


الأبعاد السبعة
ولدى طلبنا الاستزادة من هذا العلم يقول: "للحروف سبعة أبعاد هي: شكل العناصر المرتبط بالدلالات الشكلية لعناصر الطبيعة كحرف العين المأخوذ من شكل عين الإنسان والحاء من حبة اللوز، والبعد الحسابي من ترتيب "أ ب ج د ه و ز"، والعرفاني المرتبط بالجلالة والقرآن فحرف اللام للملاك جبريل وحرف الميم لنبينا محمد "صلى الله عليه وسلم"، والموسيقي ذو العلاقة بالصوتيات واللسانيات، والمادي المرتبط بعناصر الطبيعة الأربعة الهواء والنار والتراب والماء والتي تبحر فيها ابن العربي، وكينونة الحرف وبعده الإنساني الذي تتمثل فيه قيمة الإنسان الذي كتبه والذي نشأ عنه علم تحليل الخطوط".

مقام الراست والحجاز والسيكا


مقامات اللوحة
ويتحدث عن انعكاسات هذه المعارف على أسلوبه قائلاً: "الحرف في لوحتي مرتبط بالمقام الموسيقي فإن كان المقام شرقيا ثقيلا كمقام الراست، بدت خطوط اللوحة جزلة قوية برسمها وألوانها في وحدة متكاملة، وإن كان المقام جبلياً استخدمت الخط السنبلي الموافق له لتعكس لوحتي إيقاعاً حركياً بألوان ديناميكية".

وينتقل إلى إيقاع عمله اليومي كفنان متفرغ قائلاً: "أعمل في السنوات الخمس الأخيرة ما يقارب في بعض الأحيان من 17 ساعة في اليوم وحياتي مكرسة بمجملها للفن. وأستلهم مواضيع لوحاتي من قراءاتي الدائمة في الشعر والرواية والأدب عموماً".
وبعد الاستنارة بهذه المعرفة يدرك المشاهد لأعمال الساعي السر الكامن في تفرد جمالياتها وانجذابه إليها، ليعيد بمعرفته قراءتها وتذوق فنونها بأبعاد جديدة لها قيمتها الروحية والفكرية.
مقام الصبا



سيرة الساعي
حصد العديد من الجوائز منها جائزة ملتقى الشارقة في الخط 2002 و 2006، وجائزة المركز البريطاني عام 1998، كما فاز بالمركز الأول في خط الديواني الجلي في جائزة البركة والمسابقة العالمية للخط باستانبول وعدد كثير من الجوائز الاخرى. أقام الساعي أكثر من 30 معرضا فرديا في مختلف بلدان العالم من أوروبا إلى أميركا الشمالية والجنوبية وغيرها، كما اقتنيت أعماله من كبرى المتاحف والمؤسسات.




الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

«قبل غيابهم».. نافذة على ثقافات الأقليات



لكل صورة من أعمال جيمي نيلسون عبر رحلته حول العالم حكاية من التاريخ
 

البيان: دبي - رشا المالح

قيمة جمالية
ويتمثل المحور الثاني بالقيمة الجمالية والفنية للصور التي تجمع بين سحر التنوع الجغرافي للطبيعة وأجوائها بين آسيا وأفريقيا، والجانب الإبداعي الذي يعكس القدرات الفنية للمصور نيلسون، لتعتبر كل صورة بمثابة عمل فني متكامل في التكوين وعمق الصورة والإضاءة والألوان وسحر المكان، وخصوصية اللحظة الزمنية التي وثق من خلالها تاريخ مئات السنين التي ربما ستندثر قريباً أمام زحف المدنية.

وكان نيلسون قد التقط تلك الصور خلال رحلته حول العالم ما بين 2010 و2014، أما صور المعرض الذي يستمر حتى 10 يناير المقبل، فتضم عوالم الأقليات في كل من الصين والهند ومنغوليا وتنزانيا وكينيا. واكتسب نيلسون خلال رحلاته وبحوثه الكثير من المعارف المرتبطة بعلم الأجناس وعلم الإنسان على حد سواء والتي ساعدته إلى حد كبير في إبراز جوانب محورية من تلك الثقافات.

الطائر الصياد

الطائر الصياد
وكل صورة في المعرض تقدم للزائر قصة يسردها نيلسون في كتابه المصور ذي الطبعة الفاخرة، منها حكاية «الغاق صياد السمك» في بلدة يانغزو الصينية حيث يدرب صيادو الأسماك طائر الغاق الشبيه بالبط على صيد الأسماك لهم في نهر لي، وعَرفت المنطقة هذه الطريقة بالصيد منذ القدم، وهي شائعة بين الصين واليابان منذ عام 960 ميلادي، ولمنع الطيور من التهام الأسماك، يعمدون إلى ربط عنقها بسير جلدي يمنعها من التهام الأسماك الكبيرة، وتستخدم هذه الطريقة حالياً لجذب السياح.


لاداخي


«لاداخي»
تقع لاداخي ومعناها أرض العبور ضمن ولاية الهند الشمالية لجامو وكشمير. ويتميز سكان هذه الصحراء بفولكلورهم الغني الذي يعود في قسم منه إلى ما قبل الديانة البوذية، ونظراً لقصر موسم الزراعة فإن جميع السكان ومن مختلف الأعمار يعملون لمدة أربعة أشهر فقط في العام، وفي الشتاء يقيمون المهرجانات والاحتفالات واستعراض أزيائهم التقليدية «غونشا»، ونظراً لقسوة الطبيعة فإن التعاون فيما بينهم أساسي لبقائهم على قيد الحياة.


القوزاق

القوزاق

يعيش شعب القوزاق ما بين سيبيريا والبحر الأسود وهم أقرب إلى البدو الرحل حيث يجوبون جبال ووديان غرب منغول مع قطعانهم منذ القرن التاسع عشر، واشتهروا بفن صيد الصقور. وتطلب نيلسون الكثير من الرجاء ليوافقوا على التقاط صورهم على متن خيولهم في توقيت معين من النهار والضوء المناسب.

وأخيراً تحققت له اللحظة المثالية وبادر بخلع قفازه لتركيب الشريحة الأخرى للكاميرا قبل التقاط الكاميرا ففوجئ بأصابعه تتجمد عليها وكان عليه انتزاعها مع جلده ليصيح من الألم، وسرعان ما أحاطت به سيدة ضخمة وأخرى أحاطتاه بفراء معاطفيهما حتى استعاد إحساسه بأطرافه ويتمكن من التقاط الصورة.




حماية الثقافات
يعيد اهتمام نيلسون بتلك الثقافات إلى الذاكرة منتدى الأمم المتحدة الدائم والخاص بحماية الأقليات، حيث عُقد المنتدى الأول الذي يقام كل عام ولمدة أسبوعين في شهر مايو من عام 2002، حيث تشمل مهام المنتدى التعامل مع قضايا شعوب الأقليات مع توفر خبير بحقوقهم وشؤونهم ومقرر لتلك الشؤون.

الغيرة بين جيلين





    رشا المالح
    البيان: ٢١ ديسمبر ٢٠١٥

    ليس من السهل علينا الاعتراف بمشاعر الغيرة حينما تغزونا دونما استئذان لتنغص علينا فرحتنا أو سلامنا الداخلي، لنحاول بهدف التحرر منها، افتعال الأسباب والدوافع لإقناع أنفسنا بمبررات بعيدة عن هذا الإحساس الفطري الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من المشاعر الإنسانية.

    والأكثر قسوة حينما تشتعل الغيرة بين جيلين أو أكثر، لنجد أنفسنا أمام جيل يمتلك الشباب والصبا والاندفاع وفرص الحياة التي تنتظره. وعلينا في لحظات الاشتعال تلك إدراك هذه المشاعر والاعتراف بأنها جزء من تكويننا الإنساني، ومن الطبيعي أن تنتابنا بين حين وآخر..

    لكن ما هو غير طبيعي أن نستسلم لها لتهيمن على تفكيرنا، لتصبح جزءاً من شخصيتنا المكتسبة التي تجمع بين القسوة والسخط على الآخرين، وبالتالي الانتقاص من قدراتهم وذكائهم، والأخطر حينما تتحول الغيرة إلى سلاح يدمر روح العنفوان في الشباب المتعطش لبناء نفسه واكتساب الخبرة والمعرفة ممن سبقوه.

    وإن عدنا إلى أنفسنا في خلوة تأمل، لأدركنا أن تلك المشاعر المكتسبة دخيلة علينا، ومن السهل التحرر منها ابتداءً من الاعتراف بها ومحاورتها، لنعود إلى ماضينا في المرحلة التي توازي مرحلتهم ونستعرض شريط حياتنا آنذاك، وكم كنا بحاجة لمن يأخذ بيدنا ويرعى تجربتنا ويعزز من موهبتنا وقدراتنا.

    هذه المواجهة كفيلة بتحويل مشاعر الغيرة إلى فعل إنساني، يأخذ بيد من يلينا ليتابعوا مسيرتنا من حيث وصلنا وليس من حيث ابتدأنا، هذا الفعل كفيل بمنحنا الشعور بالرضا وبقيمتنا ودورنا الإنساني الذي يرافقه إحساس بالسكينة والأمان، وبالتالي نرتقي مجدداً بارتقائهم، ونتجدد بعطائنا وإبداعنا. وما لا يدركه الكثيرون أن لكل إنسان في هذه الحياة دوراً.

    وهذا الدور له من الأهمية ما لغيره من الأدوار، من ربة المنزل والأم إلى عامل النظافة والعالم والمفكر، فجميع تلك الأدوار تشكل جزءاً محورياً من نسيج المجتمع ككل، وعليه فالكل معني بنقل معرفته ورحيق تجربته إلى الأجيال اللاحقة، فمن العطاء يستمد الإنسان أجمل المشاعر الإنسانية التي تبقى في حناياه طالما هو على قيد الحياة.

    الابتكار والإبداع ليسا حكراً على العباقرة

    البيان: 
      إعداد – رشا المالح

    كثيراً ما يتساءل الإنسان منا إن كان قادراً على الابتكار والإبداع، سواء في محيط دراسته أو عمله أو هوايته؟، وما يجب علينا تذكره حينما يراودنا الشك بقدراتنا، مقولة العبقري الألماني ألبرت أينشتاين (1879-1855) «العبقرية هي 1 % موهبة و99% عمل دؤوب».
     كما أشارت الدراسات والبحوث المعنية بالأساليب التي يتبعها العباقرة والمبدعون، إلى محاور مشتركة عدة في التفكير والأسلوب بين المبدعين على مر العصور، ومن ضمن تلك المحاور ما يلي:
    منظور مختلف
    المبدع ينظر إلى المعضلة بطرق عدة، وغالباً ما يجد منظوراً جديداً لم يسبقه إليه أحد. ويقول الفنان والمبتكر الإيطالي ليوناردو دافنشي (1452-1519): «اكتساب المعرفة المرتبطة بالمعضلة يساعد على تعلم إعادة بنائها بطرق مختلفة، والعمل على رؤيتها بمنظور مختلف وبنائها اعتماداً عليه، ثم الانتقال إلى منظور آخر، وهكذا. ومع كل انتقال تتعمق معرفته ويبدأ بفهم عمق الإشكالية».
    أفكار مرئية
    يجعل العباقرة أفكارهم مرئية، وأكبر مثال عليها تألقها المذهل في عصر النهضة، حيث ترجمت الأفكار الإبداعية إلى لغة معرفية موازية، وهي لغة الرسم والخطوط البيانية والغرافيك، مثل غرافيك النسبة الذهبية لعلم الجمال الذي ابتكره دافنشي، والرسم البياني الذي وضعه العالم والفلكي والفيلسوف غاليليو غاليلي (1564 – 1642) للعديد من اكتشافاته كالمنظار وحركة الكواكب وغيرهما
    العبقرية إنتاج
    يتميز العباقرة والمبدعون بإنتاجهم الغزير، مثل رجل الأعمال والمخترع الأميركي توماس أديسون (1847-1931) الذي سجل أكثر من ألف و93 براءة اختراع. وسعى أديسون إلى استمرارية هذا النتاج من خلال منح نفسه ومساعديه مجموعة من الأفكار، وكان ينتج من نسبة الأفكار الخاصة به اختراعاً صغيراً كل 10 أيام، واختراعاً ضخماً كل ستة أشهر.
    ربط متجدد
    يقول عالم النفس الأميركي دين كيث سيموتون (1948) المعني بدراسة ذكاء الإنسان وقدراته وارتقائه، إن الفارق بين المبدعين وغيرهم يكمن في قدرتهم على اختيار أفكار معينة دون سواها ليجمعوها في توليفة مع بعضها البعض لتشكل ابتكاراً. وعليه فالعبقري يعمل بشكل دائم على ربط الأفكار والصور والخواطر وتناسبها لتشكل معادلات إبداع جديدة.
    فرض العلاقات
    إن الابتكار أو الاختراع الذي يميز العبقري لا يعتمد على فكرة واحدة، بل على جمعه للعديد من الأفكار المرتبطة بمواضيع متقاربة ومتباعدة، ومن ثم غربلتها مرات عدة ليخرج بعدد منها تبدو للوهلة الأولى بالنسبة إلى الإنسان العادي بلا أية صلة في ما بينها، على عكس المبدع الذي يرى ما لا يراه الآخرون. ومثال على ذلك ليوناردو دافنشي الذي فرض علاقة بين صوت الجرس وحجر يرتطم بالماء. ما مكنه من الوصول إلى نظرية انتقال الصوت عبر موجات.
    تفكير بالتضاد
    يعتقد العلماء بأن العباقرة يأتون بأفكار مختلفة لأنهم يمتلكون القدرة على تحمّل التناقضات والتنافر بين المواضيع. وتجلى هذا النوع من التفكير لدى أينشتاين والموسيقار الألماني موزارت (1756-1791) والروائي البريطاني جوزيف كونراد (1867-1924)، وبابلو بيكاسو (1881-1973).
    كما اعتبر الفيلسوف العبقري اليوناني أرسطو (384-322 ق.م) استخدام فكرة التحول دلالة على العبقرية، آخذاً في الاعتبار أن الفرد الذي يملك القدرة على التقاط العوامل المشتركة بين محورين منفصلين وربطهما معاً، مؤشر على الهبة الخاصة التي يتمتع بها.
    قبول المغامرة
    يختلف المبدع عن الإنسان العادي من خلال تعاطيه مع نتيجة التجربة، فإن فشلت ينتقل العادي إلى مجال مختلف، بينما يسأل المبدع نفسه: ما الذي فعلته؟ ليجيب عن سؤاله بمجموعة من التجارب المبتكرة. وأقرب مثال ما اكتشفه الاسكتلندي ألكسندر فليمنغ (1881-1955) عالم النباتات والأحياء الذي لاحظ عام 1928 في إحدى مزارع البكتريا بمختبره والتي تعرضت بالخطأ للهواء ظهور مادة حول الفطريات، ليدرس تلك المادة بدلاً من رميها لتسرب الهواء، ويكتشف قدرتها على قتل البكتيريا العنقودية.
    ابتكر حياتك
    «أنت تبتكر حياتك، وتعيد ابتكارها أيضاً. خاصة في زمن الركود الاقتصادي وعدم وضوح الرؤية. وعليك الاهتمام أكثر من أي وقت مضى بالنظر داخل أعماق نفسك لمعرفة نوعية الحياة التي تريدها والمواهب والشغف الذي يساعدك على تحقيقها».
    كين روبنسون
    كاتب ومحاضر (1950)

    الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

    سينما: تبني المخرج العربي دور المنتج لصالحه أم ضده





    المخرج يشتري استقلاليته بتحوله إلى منتج فيلمه الخاص

    التجارب السيئة سبباً رئيساً للقيام بالدورين



    رشا المالح

    هيمنت ظاهرة جديدة في السنوات العشر الأخيرة على قطاع الانتاج في صناعة السينما المستقلة، وتمثلت هذه الظاهرة في تحول المخرجين صنّاع الأفلام إلى منتجين أيضاً، ولمعرفة الأسباب والدوافع التقت البيان في أروقة المهرجان و"سوق دبي السينمائي" بعدد من المنتجين أو المنتجين المخرجين.







    شريان الفيلم
    كانت البداية مع المنتجة والمخرجة جيهان الطاهري المصرية المقيمة في فرنسا والتي تعتبر مدرسة قائمة بحد ذاتها في السينما العربية الوثائقية والتسجيلية المستقلة. تقول جيهان عن دوافع تبني المخرج لدور المنتج: "يشتري المخرج بهذه الطريقة حريته في العمل، فرأس المال هو القوة المحركة والمتحكمة بالفيلم وعليه يفرض المنتج شروطه التي لا تتناسب في بعض الأحيان مع رؤية المخرج. بالنسبة لي واجهت عام 2003 تجربة قاسية مع المنتج ومن حينها قررت تبني هذا الدور خاصة، وبذا لا يستطيع المنتج سواء المستقل أو الجهات الأجنبية الداعمة للأفلام فرض قناعاتها أو توجهاتها في عملي، وإن كلفني هذا الجانب الكثير من الأعباء المالية أو المسؤولية والجهد والزمن، بالمقابل ساعدتنا التكنولوجيا الرقمية في اختيار الكثير من التكاليف ليصبح المخرج متعدد المهام ليقوم بدور المصور أو المنتج وغير ذلك".

    مغامر بطبيعتي
    تجربة مشابهة للشاب المصري وائل عمر الذي يعمل في مختلف أنواع الأفلام الذي يقول: "قلة هم عدد المنتجين في مصر، خاصة بالنسبة للسينما العربية المعاصرة، بالنسبة أعتبر حقل الانتاج الذي بدأت به مغامرة شيقة لأتوجه قريباً إلى الإخراج، فأنا في هذا السوق منذ سبع سنوات وساهمت في انجاز فيلمين والثالث على وشك الصدور وتعاونت في أحدهما مع المخرج الكبير محمد خان".









    عبء إضافي
    بالمقابل يقول المنتج اللبناني الشاب سيلفيوس عادل: "دور المنتج قريب من القيّم على المعارض الفنية ورعاة الفن، يمتلك الشغف بهذه الصناعة ليقوم بكافة مستلزمات الفيلم غير الفنية ليتمكن المخرج من التركيز على الجانب الفني، من توفير الميزانية إلى الجهة المعنية بتوفير فريق الممثلين وغير ذلك من التفاصيل. وفي رأي ما يدفع المخرج للقيام بدور المنتج وهو عبء إضافي، مروره بتجربة مريرة مع أحد المنتجين".




    استثمار أفلامي
    ويتحدث المخرج المنتج الأميركي جورج جيها عن جمعه بين المهنتين قائلاً: "نشأت في كنف عائلة معنية بتوزيع الأفلام، وانطلقت في البداية من كتابة الأفلام لأتحول بعدها إلى الإنتاج ومن بعدها الإخراج. بالطبع دور المنتج عند ليس بصعب لأن لدي الكثير من المعارف من أصدقاء وأقارب، وتبعاً للميزانية أكتب فكرة الفيلم وأنفذه. والسبب في هذا الاختيار لأنني أصنع أفلام روائية مستقلة ذات رؤية خاصة بي، وعادة أحقق نجاحاً لا بأس به ومن الأفلام التي قدمتها.


    رؤية موضوعية
    بهدف معرفة مدى إيجابية مبادرة الربط بين مهنة المنتج والمخرج، التقينا بخليل بن كيران المخرج المخضرم ومدير قسم منح الأفلام في "مؤسسة الدوحة للأفلام" الذي قال: "يوقع المخرج نفسه في مطب حينما يقوم بدور المنتج لأفلامه خاصة الروائية الطويلة، لأن دور المنتج يعني إزاحة الأعباء اللوجستية عنه كي يتفرغ للإبداع. ومع ذلك يمكن تحقيق معادلة توازن في حال بناء الفيلم على كادر تمثيل لا يتجاوز ثلاث شخصيات".

    السينما المعاصرة
    ويقل عن مهنة المنتج في السينما العربية المعاصرة قائلاً: "التحول الذي جرى خلال السنوات العشر الأخير في هذه الصناعة فتح باباً أو لدور المنتج، فقبل 15 عاما كان المنتج يقدم عدداً محدوداً جداً من الأفلام بعكس المرحلة الحالية بفضل توفر التمويل سواء الجزئي أو الكامل من خلال العديد من المؤسسات العربية الداعمة للأفلام. وأصبح بالإمكان اتخاذ الانتاج كمهنة ليعمل على تمويل عدة أفلام في وقت واحد، لأن كل فيلم يتطلب من سنتين وأكثر لانجازه".