تُرى، هل انجذاب الإنسان إلى الفنون متبدل أم ثابت؟ وهل للعمر علاقة بنوع الفنون التي يتأثر بها أو ينجذب إليها؟ إنه سؤال واسع ومفتوح، حيث تصعب الإجابة عنه بدقة، أو باعتماد قواعد ونظريات، ولكن يمكن الاجتهاد في تقديم تصور شامل مفتوح من خلال ارتباط العمر بالبيئة والثقافة.
علينا أن ندرك في البداية، أن تأثر أو اهتمام الإنسان بالفنون من أدب وتشكيل وموسيقى وغيرها، يختلف من شخص إلى آخر، تبعاً للبيئة وللمرحلة العمرية، وكذا التجربة الشخصية، سواءً في الحياة أو في محيط الفن، لتصبح العلاقة بذلك، إما في إطار الاهتمام العام دون تحديد، أو الميل إلى أحد الفنون دون غيرها. وما يمكن قوله في إطار المقاربة، يتلخص في أن الإنسان يصبح أكثر انتقائية في علاقته بالفنون مع تقدمه بالعمر. والانتقال إلى المقاربة يعني تقسيم رحلة الإنسان في الحياة إلى اربع فئات عمرية:
الطفولة، المراهقة والشباب، النضج (تكون نتاج دخول الشباب معترك الحياة وحتى الأربعينات من العمر)، الكهولة. وفيما يقول البعض إن اهتمام الإنسان بالفن يقل مع التقدم بالسن، فإن البعض الآخر يقول إن العكس هو الصحيح.
علاقة وارتباط
لابد قبل تناول كل فئة على حدة، أن نأخذ في الاعتبار ارتباط نشأة الإنسان ببيئته الفنية، فعلى سبيل المثال تعتبر الموسيقى الكلاسيكية في النمسا والبلدان المجاورة، من أنواع الفنون التي تألفها أذن الطفل منذ ولادته، وفي الصين فنون الورق، وفي بعض البلاد العربية الشعر وأخرى الغناء الطربي، وفنون السجاد، كما في إيران وباكستان، أما حديثاً فبدأ فن الجداريات في الولايات المتحدة.
مرحلة الطفولة
أكثر الفنون التي تجذب الأطفال هي تلك المرتبطة بالألوان والصوت والصورة الحركية، حيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ، من اكتشافهم لمفردات العالم الخارجي، فمن خلال اللون يكتشفون قدراتهم على تشكيل عالم قريب من مخيلتهم. أما الخطوط فهي فرصة لتقليد الكبار. ومرة أخرى وتبعا للبيئة، فإنهم إما يشكلون من الطين منحوتاتهم الخاصة، أو من القصب وألياف الشجر. أما الموسيقى فترتبط عندهم بالغناء الذي يشيع البهجة في نفوسهم. وتركز البلدان المتطورة على تقديم أكبر قدر ممكن من الفن للأطفال بهدف تطوير مداركهم، وبالتالي تساعدهم على إدراك ميولهم الفنية في وقت مبكر، فالثقافة الفنية البصرية والسمعية تساعد الطفل على اكتشاف وتنمية مواهبه. كما يعتمد الأطفال في هذا السياق، على تراكم مخزون الذاكرة، فالطفل لا يدرك حين يذهب في زيارة إلى متحف فني، طبيعة الفارق بين اللوحة وإطارها، أو بين الجوكندا والفن المعاصر، أو السيمفونية والأغنية التي يسمعها من والدته قبل نومه، لكن عملية التراكم، تمهد لاحقاً للإبداع.
الفن كعلاج
لا يغيب عنا في هذه المرحلة، العلاج بالفن كوسيط أو وسيلة للتواصل مع عوالم الطفل الداخلية، والتي يتم ممارستها حالياً من قبل مختصين في المعالجة النفسية الذي يتعاملون مع الأطفال والمراهقين وأحياناً الكبار، ممن تعرضوا لأزمة أو صدمة نفسية، حيث يستطيعون من خلال الرسم إما التعبير عما يعتمل في أعماقهم، أو كوسيلة لتجاوز وتقبل محنتهم. ومثال على ذلك كلٍ من الفنان الإسباني فرانشيسكو دي غويا (1746- 1828)، والمكسيكية فريدا كالو (1905 1954).
تحول غويا الذي يعتبر مـــن أهم الفنانين الأسبـــان فـــي أواخـــر القرن الثامن عشر وأوائــــل التاسـع عشر، في رحلتـــه مـــع الفن، من لوحات تعبر عن أقصى حالات التألق والتوهج اللوني، إلى الألوان الكامدة والقاتمــة المحملـــة مواضيعهـــا بالتشاؤم ليعكس من خلالها مصائب الحرب الأهلية ما بين الأعوام 1810 و1820.
أما فريدا فلجـــأت إلى الرســم بعدمـــا وجـــدت نفسها طريحـــة الفراش غير قادرة على تحريـــك جسدها إثر حـــادث مــــرور أصابها عام 1926، وخلال فترة علاجها التي امتــدت لأشهر طويلة بدأت بتطوير مهـــاراتها الفنية لقتــــل الوقـــت بدايـــة، وليصبح مع مرور الأيام والأشهر والسنين، محور حياتهـــا وإبداعها، وجميع أعمالها كانت تعبيراً عن ما يجول في أعماقها من معاناة.
مرحلة المراهقة
يشكل المراهقون في أي بلد كان، ثقافة خاصة بهم. وتأخذ تلك الثقافة طابعاً مميزاً ابتداء من الملابس إلى المفردات المستخدمة. ويستأثر باهتمامهم من الفنون، الموسيقى والشعر بالدرجة الأولى.
لتأخذ الموسيقى الصاخبة الحيز الأكبر من الاهتمام، والمرتبطة في كثير من الأحيان بالرقص، مثل (بريك دانس) الذي يتطلب العديد من المهارات الرياضية. وكذلك الأمر بالنسبة للشعر وكتابة اليوميات، حيث يجد المراهق في الشعر، الوسيلة للتعبير عما يخالجه من انفعالات مكثفة، يجد نفسه غير قادر على احتوائها أو فهمها.
وفي رحاب الفن السابع، يميل الشباب إلى أفلام الحركة والعنف، والفتيات إلى الأفلام العاطفية والدرامية، ومثال على ذلك السينما الهندية في منطقة الخليج، التي تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام وثقافة المراهقات، وحتى بالنسبة للعربيات المقيمات في الدولة. وأما على صعيد الكتاب، فتميل الأغلبية إلى قراءة الرواية البوليسية والمغامرات، مع اهتمام كبير من جانب الفتيات بالروايات الرومانسية.
مرحلة الشباب
تتبلور في هذه المرحلة اهتمامات المراهقين، لتصبح، إما أكثر انتقائية وجدية ومثابرة، أو لتبقى مجرد مرحلة من الماضي، لتلعب البيئة دوراً كبيراً في تعزيز شعلة الإبداع أو إخمادها. ويميل الشباب في هذه المرحلة إلى ما يتناسب مع اهتماماتهم إما الفكرية أو الفنية، ليبحث كل منهم عن مغنيه الأقرب إلى نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للشعر والرواية والمسرح والموسيقى.
مرحلة النضج
يبدأ الإنسان بعد الأربعين برؤية حياته كعمل فني بحد ذاته، فمع نضجه يصبح أكثر شمولية مع نفسه والمحيط، حيث يبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، ليتلمس من خلالها الأجوبة الروحية والمادية. كما يكتسب في هذه المرحلة أيضاً، القدرة على الصبر والسيطرة على انفعالاته كالغضب والقلق وغيرها. وعليه يبدأ البحث في عوالم الفن، عن الوسيلة الأقرب إلى روحه لكي يستطيع تفريغ تلك الانفعالات، فنجد اهتماماً أكبر بانتقاء مجموعته الموسيقية، أو حرصه على زيارة المعارض الفنية، أو تعويض الإحباط الخارجي بإشباع روحه وفكره. ويتراوح تفاعله مع الفن في هذه المرحلة تبعاً لحجم تجربته الحياتية وأبعادها، ليصبح أكثر انجذاباً وميلاً إلى الفن المرتبط ببعد فكري أو فلسفي، فنجده تارة يبحث في القصيدة التي تعكس أبعاد ما وصل إليه في فهمه للحياة، وأخرى في الأغنية التي تستطيع أن تنتشله من واقعه ليحلق في عالم روحي يمنحه الراحة والسكينة. وكذلك الأمر مع الموسيقى واللوحة والفنون الأخرى. وأما في الخمسين فترتبـط خياراتـه بواقع رؤيته لتجربته، فمن الناس من يميل إلى التراجيديا ورثاء النفس، وآخرون يبحثون عن الارتقاء الروحي والسمو، ومنهم من يعود إلى جذور فنون بيئته ليعيد اكتشاف جمالياتها بنفسه، ومنهم من يختار العيش بعيداً عن مفردات الفن، كي يحيّد مشاعره بعيداً عن أي تفاعل مهما كان نوعه، وذلك لقناعته بأن الفن حالة من السراب الخادع الذي يحتاجه ضعفاء النفوس. وكما تختلف حالة النضج من إنسان لآخر، كذلك الأمر بالنسبة لعلاقته بالفن، فمنهم من يتعلق بأحد الفنون كمتذوق لها، أو ساعٍ لتعلم تقنياتها ومحاولة امتلاك أدواتها بهدف التعبير عن رؤيته الحياتية من خلالها، وكم سمعنا عن أدباء وموسيقيين ومبدعين حققوا إنجازهم الأول في الخمسين وما بعد من عمرهم.
حالات
ارتبط الفن بالعلاج النفسي منذ القدم، حيث يعتمد هذا العلاج على استخدام وسائطه الفنية كوسيلة أساسية للتواصل. والقائمون على هذا العلاج من المؤهلين المعتمدين، يتعاملون مع الأطفال والشباب والكبار. ويتضمن العلاج المشاعر والسلوك وأية مشاكل مرتبطة باضطرابات عقلية أو صحية. ويمكن أن يقدم هذا العلاج بشكل فردي أو جماعي، تبعاً لاحتياجات الحالة. ومكتشف هذا النوع من العلاج، الفنان البريطاني أدريان هيل (1895 1977)، الذي اقترح على زملائه المرضى القيام بأعمال فنية خلال فترة علاجه بالمصحة من داء السل، ووثق تلك التجربة في كتاب خاص عام 1945، تحت عنوان (الفن في مواجهة المرض).
علاج في السينما
وثق الفيلم الدرامي الأميركي (أناس عاديون)، الذي أنتج عام 1980، أهمية العلاج النفسي بالفن. ويحكي الفيلم قصة عائلة تعاني من موت أحد أبنائها اثر حادث، ما دفع الأخ الأصغر، إلى محاولة الانتحار، وبالتالي البقاء في مستشفى صحي مدة أربعة أشهر. وحصد الفيلم، الذي أخرجه الممثل الشهير روربرت ريدفورد، العديد من جوائز السينما العالمية
علينا أن ندرك في البداية، أن تأثر أو اهتمام الإنسان بالفنون من أدب وتشكيل وموسيقى وغيرها، يختلف من شخص إلى آخر، تبعاً للبيئة وللمرحلة العمرية، وكذا التجربة الشخصية، سواءً في الحياة أو في محيط الفن، لتصبح العلاقة بذلك، إما في إطار الاهتمام العام دون تحديد، أو الميل إلى أحد الفنون دون غيرها. وما يمكن قوله في إطار المقاربة، يتلخص في أن الإنسان يصبح أكثر انتقائية في علاقته بالفنون مع تقدمه بالعمر. والانتقال إلى المقاربة يعني تقسيم رحلة الإنسان في الحياة إلى اربع فئات عمرية:
الطفولة، المراهقة والشباب، النضج (تكون نتاج دخول الشباب معترك الحياة وحتى الأربعينات من العمر)، الكهولة. وفيما يقول البعض إن اهتمام الإنسان بالفن يقل مع التقدم بالسن، فإن البعض الآخر يقول إن العكس هو الصحيح.
علاقة وارتباط
لابد قبل تناول كل فئة على حدة، أن نأخذ في الاعتبار ارتباط نشأة الإنسان ببيئته الفنية، فعلى سبيل المثال تعتبر الموسيقى الكلاسيكية في النمسا والبلدان المجاورة، من أنواع الفنون التي تألفها أذن الطفل منذ ولادته، وفي الصين فنون الورق، وفي بعض البلاد العربية الشعر وأخرى الغناء الطربي، وفنون السجاد، كما في إيران وباكستان، أما حديثاً فبدأ فن الجداريات في الولايات المتحدة.
مرحلة الطفولة
أكثر الفنون التي تجذب الأطفال هي تلك المرتبطة بالألوان والصوت والصورة الحركية، حيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ، من اكتشافهم لمفردات العالم الخارجي، فمن خلال اللون يكتشفون قدراتهم على تشكيل عالم قريب من مخيلتهم. أما الخطوط فهي فرصة لتقليد الكبار. ومرة أخرى وتبعا للبيئة، فإنهم إما يشكلون من الطين منحوتاتهم الخاصة، أو من القصب وألياف الشجر. أما الموسيقى فترتبط عندهم بالغناء الذي يشيع البهجة في نفوسهم. وتركز البلدان المتطورة على تقديم أكبر قدر ممكن من الفن للأطفال بهدف تطوير مداركهم، وبالتالي تساعدهم على إدراك ميولهم الفنية في وقت مبكر، فالثقافة الفنية البصرية والسمعية تساعد الطفل على اكتشاف وتنمية مواهبه. كما يعتمد الأطفال في هذا السياق، على تراكم مخزون الذاكرة، فالطفل لا يدرك حين يذهب في زيارة إلى متحف فني، طبيعة الفارق بين اللوحة وإطارها، أو بين الجوكندا والفن المعاصر، أو السيمفونية والأغنية التي يسمعها من والدته قبل نومه، لكن عملية التراكم، تمهد لاحقاً للإبداع.
الفن كعلاج
لا يغيب عنا في هذه المرحلة، العلاج بالفن كوسيط أو وسيلة للتواصل مع عوالم الطفل الداخلية، والتي يتم ممارستها حالياً من قبل مختصين في المعالجة النفسية الذي يتعاملون مع الأطفال والمراهقين وأحياناً الكبار، ممن تعرضوا لأزمة أو صدمة نفسية، حيث يستطيعون من خلال الرسم إما التعبير عما يعتمل في أعماقهم، أو كوسيلة لتجاوز وتقبل محنتهم. ومثال على ذلك كلٍ من الفنان الإسباني فرانشيسكو دي غويا (1746- 1828)، والمكسيكية فريدا كالو (1905 1954).
تحول غويا الذي يعتبر مـــن أهم الفنانين الأسبـــان فـــي أواخـــر القرن الثامن عشر وأوائــــل التاسـع عشر، في رحلتـــه مـــع الفن، من لوحات تعبر عن أقصى حالات التألق والتوهج اللوني، إلى الألوان الكامدة والقاتمــة المحملـــة مواضيعهـــا بالتشاؤم ليعكس من خلالها مصائب الحرب الأهلية ما بين الأعوام 1810 و1820.
أما فريدا فلجـــأت إلى الرســم بعدمـــا وجـــدت نفسها طريحـــة الفراش غير قادرة على تحريـــك جسدها إثر حـــادث مــــرور أصابها عام 1926، وخلال فترة علاجها التي امتــدت لأشهر طويلة بدأت بتطوير مهـــاراتها الفنية لقتــــل الوقـــت بدايـــة، وليصبح مع مرور الأيام والأشهر والسنين، محور حياتهـــا وإبداعها، وجميع أعمالها كانت تعبيراً عن ما يجول في أعماقها من معاناة.
مرحلة المراهقة
يشكل المراهقون في أي بلد كان، ثقافة خاصة بهم. وتأخذ تلك الثقافة طابعاً مميزاً ابتداء من الملابس إلى المفردات المستخدمة. ويستأثر باهتمامهم من الفنون، الموسيقى والشعر بالدرجة الأولى.
لتأخذ الموسيقى الصاخبة الحيز الأكبر من الاهتمام، والمرتبطة في كثير من الأحيان بالرقص، مثل (بريك دانس) الذي يتطلب العديد من المهارات الرياضية. وكذلك الأمر بالنسبة للشعر وكتابة اليوميات، حيث يجد المراهق في الشعر، الوسيلة للتعبير عما يخالجه من انفعالات مكثفة، يجد نفسه غير قادر على احتوائها أو فهمها.
وفي رحاب الفن السابع، يميل الشباب إلى أفلام الحركة والعنف، والفتيات إلى الأفلام العاطفية والدرامية، ومثال على ذلك السينما الهندية في منطقة الخليج، التي تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام وثقافة المراهقات، وحتى بالنسبة للعربيات المقيمات في الدولة. وأما على صعيد الكتاب، فتميل الأغلبية إلى قراءة الرواية البوليسية والمغامرات، مع اهتمام كبير من جانب الفتيات بالروايات الرومانسية.
مرحلة الشباب
تتبلور في هذه المرحلة اهتمامات المراهقين، لتصبح، إما أكثر انتقائية وجدية ومثابرة، أو لتبقى مجرد مرحلة من الماضي، لتلعب البيئة دوراً كبيراً في تعزيز شعلة الإبداع أو إخمادها. ويميل الشباب في هذه المرحلة إلى ما يتناسب مع اهتماماتهم إما الفكرية أو الفنية، ليبحث كل منهم عن مغنيه الأقرب إلى نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للشعر والرواية والمسرح والموسيقى.
مرحلة النضج
يبدأ الإنسان بعد الأربعين برؤية حياته كعمل فني بحد ذاته، فمع نضجه يصبح أكثر شمولية مع نفسه والمحيط، حيث يبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، ليتلمس من خلالها الأجوبة الروحية والمادية. كما يكتسب في هذه المرحلة أيضاً، القدرة على الصبر والسيطرة على انفعالاته كالغضب والقلق وغيرها. وعليه يبدأ البحث في عوالم الفن، عن الوسيلة الأقرب إلى روحه لكي يستطيع تفريغ تلك الانفعالات، فنجد اهتماماً أكبر بانتقاء مجموعته الموسيقية، أو حرصه على زيارة المعارض الفنية، أو تعويض الإحباط الخارجي بإشباع روحه وفكره. ويتراوح تفاعله مع الفن في هذه المرحلة تبعاً لحجم تجربته الحياتية وأبعادها، ليصبح أكثر انجذاباً وميلاً إلى الفن المرتبط ببعد فكري أو فلسفي، فنجده تارة يبحث في القصيدة التي تعكس أبعاد ما وصل إليه في فهمه للحياة، وأخرى في الأغنية التي تستطيع أن تنتشله من واقعه ليحلق في عالم روحي يمنحه الراحة والسكينة. وكذلك الأمر مع الموسيقى واللوحة والفنون الأخرى. وأما في الخمسين فترتبـط خياراتـه بواقع رؤيته لتجربته، فمن الناس من يميل إلى التراجيديا ورثاء النفس، وآخرون يبحثون عن الارتقاء الروحي والسمو، ومنهم من يعود إلى جذور فنون بيئته ليعيد اكتشاف جمالياتها بنفسه، ومنهم من يختار العيش بعيداً عن مفردات الفن، كي يحيّد مشاعره بعيداً عن أي تفاعل مهما كان نوعه، وذلك لقناعته بأن الفن حالة من السراب الخادع الذي يحتاجه ضعفاء النفوس. وكما تختلف حالة النضج من إنسان لآخر، كذلك الأمر بالنسبة لعلاقته بالفن، فمنهم من يتعلق بأحد الفنون كمتذوق لها، أو ساعٍ لتعلم تقنياتها ومحاولة امتلاك أدواتها بهدف التعبير عن رؤيته الحياتية من خلالها، وكم سمعنا عن أدباء وموسيقيين ومبدعين حققوا إنجازهم الأول في الخمسين وما بعد من عمرهم.
حالات
ارتبط الفن بالعلاج النفسي منذ القدم، حيث يعتمد هذا العلاج على استخدام وسائطه الفنية كوسيلة أساسية للتواصل. والقائمون على هذا العلاج من المؤهلين المعتمدين، يتعاملون مع الأطفال والشباب والكبار. ويتضمن العلاج المشاعر والسلوك وأية مشاكل مرتبطة باضطرابات عقلية أو صحية. ويمكن أن يقدم هذا العلاج بشكل فردي أو جماعي، تبعاً لاحتياجات الحالة. ومكتشف هذا النوع من العلاج، الفنان البريطاني أدريان هيل (1895 1977)، الذي اقترح على زملائه المرضى القيام بأعمال فنية خلال فترة علاجه بالمصحة من داء السل، ووثق تلك التجربة في كتاب خاص عام 1945، تحت عنوان (الفن في مواجهة المرض).
علاج في السينما
وثق الفيلم الدرامي الأميركي (أناس عاديون)، الذي أنتج عام 1980، أهمية العلاج النفسي بالفن. ويحكي الفيلم قصة عائلة تعاني من موت أحد أبنائها اثر حادث، ما دفع الأخ الأصغر، إلى محاولة الانتحار، وبالتالي البقاء في مستشفى صحي مدة أربعة أشهر. وحصد الفيلم، الذي أخرجه الممثل الشهير روربرت ريدفورد، العديد من جوائز السينما العالمية
مدونه ممتازه مع تمنياتنا بالمزيد من التقدم والازدهار
ردحذفرائع جدا
ردحذفشكرا لمجهوداتكم
مدونه ممتازه
ردحذفشكرا لمجهوداتكم
رائع جدا
ردحذفمدونه هادفه
شكرا جزيلا
موضوعات قيمه
ردحذفرائع جدا