الثلاثاء، 24 فبراير 2015



يُوثّق في كتابه «النشوء والارتقاء» نشوء وتطور الفن الإماراتي

إحسان الخطيب: جمعت رحيق تجربة الرعيل الأول لتشكيليي الإمارات

 الولاء والعطاء للمكان شكّلا دافع مبادرة الفنان التشكيلي إحسان الخطيب، المقيم في الإمارات منذ عام 1975، والتي تمثلت بمشروع توثيقه لروح بدايات الحركة الفنية التشكيلية والنقد المواكب لها في الإمارات، والذي تفرغ له بعيداً عن لوحته وألوانه لمدة ثلاث سنوات، التقى الخطيب خلالها بالرواد الأوائل ممن ساهموا في تأسيس الحراك التشكيلي ..
ولا يزالون على قيد الحياة ليذهب إليهم أينما كانوا. وخلال رحلته هذه جمع الخطيب إرثاً من المعلومات والتاريخ وتجربة الفنانين الذين قابلهم ومسيرتهم الحياتية، وليستبدل ريشته بالقلم ويحقق حلمه في إصدار كتابه «النشوء والارتقاء في الفن التشكيلي الإماراتي» الذي صدر في أكتوبر من العام الماضي.
ويتحدث إحسان الخطيب مع «بيان الكتب» للتعرف على أبعاد هذه التجربة التي ساهمت في توثيق أرشيف الحركة الفنية التشكيلية في الإمارات من جهة، والتعرف على العوالم الداخلية لمجموعة الفنانين الذين التقى بهم من جهة أخرى، وانعكاس هذه التجربة على حياته كفنان وإنسان وما أعطته وأخذت منه. ويؤكد أنه جمع في كتابه رحيق الرعيل الأول.
ما الذي دفعك إلى المبادرة بتوثيق تجربة الأوائل وأنت التشكيلي؟
حضرت ندوة برفقة صديقي الفنان محمود الرمحي في الجامعة الأميركية بالشارقة عن الفن التشكيلي بالإمارات، وفوجئنا بالطالبة التي ألقت كلمتها عن بدايات الحركة الفنية في الإمارات، تسقط مرحلة الرعيل الأول وتذكر أسماء رواد الجيل الثاني وما بعده، ولدى الحديث معها أوضحت أنها لم تعثر على أرشيف ترجع إليه.
وهنا شجعني الرمحي لمعرفته بكتابتي عن الفن التشكيلي، على توثيق تجربة الرعيل الأول للحركة الفنية من بداية الثمانينيات من القرن الماضي. وتقتضي الأمانة التنويه إلى أن مشروع التوثيق للحركة الفنية التشكيلية ضخم ويتطلب زمناً أطول، وجهداً أكبر، مع غياب أسماء بعض الرواد الحاليين الذين حاولت الاتصال بهم وبعث رسالة هاتفية نصية للتواصل معهم، من دون أي رد منهم، وهؤلاء مثل: عصام شريدة وعبيد الهاجري.. وغيرهما.
نهج مغاير
هناك العديد من الإصدارات التي وثقت بداية الحراك التشكيلي في الإمارات، ما الذي يختلف أو الجديد في كتابك؟
يتعرف القارئ من خلال لقاءاتي مع الفنانين، على رحيق تجربتهم الفنية والإنسانية ومسيرة انجازاتهم والتحديات التي واجهتهم، وبالتالي يمكنه الاقتراب من عوالمهم الداخلية بعيدا عن النهج الأكاديمي وقريباً من أسلوبي الفني التعبيري. وبالتالي يشعر القارئ بالقرب من عالم كل فنان، خاصة وأني كتبت بلسان وثقافة كل منهم في حوار زمنه مفتوح تبعاً لاسترسالهم، لأضيف تداعيات ذاكرتي حول تجربتي الفنية معهم، بصفتي أحد رواد هذا الجيل.
هل شكلت هذه اللقاءات أية إضافة أو مفاجأة لك، بصفتك رفيق دربهم؟
حملت اللقاءات الكثير من المفاجآت والمعلومات المدهشة، وأدركت أن معرفتي السابقة بهم لم تتجاوز العموميات، لأكتشفهم من جديد. وتجربة البعض منهم تستحق، بلا مبالغة، تسجيلها في فيلم وثائقي لأهميتها إما كنموذج حقيقي للإنسان العربي المثقف مثل مسيرة حياة الدكتور عبدالكريم السيد، أو لغرابة الصدف ولعبة القدر، مثل تجربة التشكيلي محمود الرمحي أو جموح الفنان الذي لا يستقر في مكان بحثاً عن صدى ندائه الداخلي مثل فاطمة لوتاه، التي انتقلت بين الإمارات ومصر والعراق وأميركا وفرنسا، لتستقر أخيراً بين إيطاليا والإمارات.
إجازة فكرية
ما الذي أضافته لك هذه التجربة ..أو أخذته منك؟
أخذت مني زمني ومرونتي كرسام، وفي الوقت نفسه كانت بمثابة إجازة للفكر والتأمل، لأعود إلى نفسي بعدها بذهن صاف لأصطدم بفداحة حجم الإرهاب، وأعود إلى ريشتي وألواني وأتابع رسالتي كفنان. كما تعلمت (يضحك) الطباعة على الكمبيوتر، حيث كنت أدبج ما كتبته على الورق، والأهم أني تعلمت فن الإصغاء للآخر.
كما رافقتني في السنوات الثلاث تلك تجربتي مع الكلمة واللون التي جمعت بيني وبين الزميل عبدالإله عبدالقادر التي كانت ثمرتها كتاب فريد بخصوصيته «شخابيط وألوان»، حيث كنت أستلهم من صوره الشعرية عوالم سحرية.
شخصيات ساهمت في مسيرة الفن التشكيلي الإماراتي
يُوثّق إحسان الخطيب من خلال كتابه «النشوء والارتقاء في الفن التشكيلي الإماراتي»، مرحلة بدايات الحراك التشكيلي في الإمارات على يد الرعيل الأول من رواد الفن من التشكيليين الإماراتيين والعرب المقيمين، من خلال لقاءاته وحواراته مع 22 فناناً وفنانة في التشكيل والنحت والتصميم وغيرها..
وبما في ذلك الناقد التشكيلي الدكتور يوسف عيدابي الذي رصد بمقالاته تجربة الفنانين في وقتها. كما يتجلى بحثه بين أروقة المؤسسات الحكومية للحصول على الوثائق الأولى الخاصة بإشهار جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وتعاون الجميع معه حتى وصولها إليها، والتي ضمت أسماء أعضاء مجلس الإدارة المؤقت المنتخبين وهم سبعة، ليتم إشهار الجمعية بقرار وزاري في 18 سبتمبر عام 1980.
أما الأعضاء الأوائل فهم الفنانون: عبيد سرور ومحمد العيدروس وعلي درويش وأحمد الأنصاري وابراهيم مصطفى وحمد السويدي، ليجري عقبها، انتخاب محمد يوسف رئيساً لمجلس الجمعية. وكانت أعمارهم حينذاك تتراوح بين 25 و26 سنة. ووصل عدد أعضاء الجمعية بعد إشهارها إلى 25 عضواً.
بوصلة
والجزء المحوري الذي يتكرر على لسان جميع الفنانين الذين قابلهم الخطيب وهو في مقدمتهم، رعاية ودعم واحتضان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للفنانين واستمراريتهم مادياً ومعنوياً ولوجستياً.
وتعتبر مقدمة ومدخل الكتاب بمثابة بوصلة يسترشد بها القارئ ليتعرف من خلالها على الأجواء العامة التي ساهمت في ولادة الحركة الفنية من شخصيات ومؤسسات وغيرها..
والتي تركت بصمتها في ذاكرة هؤلاء الفنانين، وفي مقدمتهم الشيخ أحمد بن محمد القاسمي، الذي ترأس سابقاً، دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، كما ساهم في حركة تطور جميع الفنون بجهده وماله الخاصين، وأمضى جلّ وقته بين الفنانين والأدباء. وكذلك هناك خلفان مصبح السويدي -مدير المجمع الثقافي في أبوظبي، سابقا.
إضاءات
إن قراءة تجربة كل فنان أشبه بالحكاية ضمن الكتاب، بما فيها من حوارات وتداعيات وأحداث ترجع إلى زمن الستينيات، ومن الحكايات التي تشكل إضاءات جديدة أن معالي عبدالرحمن العويس، كان جزءاً من الحراك الفني كفنان في التصوير الفوتوغرافي، إلى جانب توقه للمعرفة، والذي كما يقول الخطيب «تميز بوعي استثنائي للاقتناء».
ويتعرف القارئ على دور الإعلامي الدكتور يوسف عيدابي المستشار الثقافي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي تحدث عن بداياته مع جريدة (الخليج) ومحاولاته وأقرانه..
حينذاك، للنهوض بالنشاط الفني والثقافي والأدبي، لينتقل بعدها إلى وصف بدايات الحراك الفني بعد تأسيس دائرة الثقافة والإعلام عام 1981، وتأسيس مشاريع كثيرة، كمعارض «البانوش» و«عبداللطيف وجماعته»، ذلك بهدف تفعيل الحراك الفني. ويعود العيدابي بذاكرته إلى معرض أقامه التشكيلي أحمد الأنصاري سنة 1972 في مبنى إذاعة الشارقة (إذاعة الساحل).
1985
يكتشف القارئ في هذا الكتاب، أن الفنان أحمد الأنصاري هو أول من أقام معرضاً فردياً في الشارقة، كما يتعرف على بداية حراك الأنشطة الفنية في المجمع الثقافي بأبوظبي من خلال حوار الخطيب مع الدكتورة ريم المتولي المتخصصة في العمارة الداخلية، التي تعينت في المكتبة الوطنية بأبوظبي عام 1984، والتي أصبح اسمها لاحقاً المجمع الثقافي، لتحكي عن المعرض التشكيلي الأول للفنانين عام 1985.
سيرة
تمتد مسيرة الفنان العراقي إحسان الخطيب، المقيم في الإمارات منذ عام 1975، الى أكثر من 30 عاماً، تحول فيها أسلوبه الفني من التعبيرية الواقعية إلى التجريدية التعبيرية. كما تحول بألوانه إلى أجواء نقاء الصوفية. وخلال مسيرته الفنية خاض الكثير من التجارب على صعيد اللون والخط والحروفية، والعلاقة بين اللون والمساحة. كذلك، شارك في العديد من المعارض المحلية والعربية والأجنبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق