إنغدال: تفرغ الكتّاب الغربيين وعزلتهم يضرّان بمستقبل الأدب
إعداد - رشا المالح:
يتجلى لمتابع سيرورة وأحداث كبرى الجوائز الأدبية في الغرب، انفتاحها على شتى الدول في العالم خلال السنوات الأخيرة، لترحب بمشاركة كتاب من خارج البلد الأم للجائزة وحلفائها، وأبرز مثال: جائزة الرواية البريطانية «مان بوكر»، إذ فتحت باب المشاركة للمرة الأولى في تاريخها، منذ 46 عاماً، أمام الروائيين من مختلف الجنسيات ممن يكتبون باللغة الإنجليزية.
وتبرز في الخصوص، أصوات ومناشدات متباينة، تؤكد أن الأدب الغربي بات في خطر، وهو ما يشكل محور دعوات وآراء الأكاديمي السويدي هوراس إنغدال، عضو لجنة تحكيم جائزة نوبل للآداب التي ستعلن عن أسماء المرشحين لها هذا العام في 9 أكتوبر المقبل. إذ يجد أن الأدب الغربي بات مهدداً بمضمونه ومستواه ومستقبله، عقب أن تعمقت عزلة الكتاب عن مجتمعاتهم وباتوا بعيدين عن حياة الناس.. ومهنهم ومعايشاتهم.
* * *
سائق تاكسي
ويقول إنغدال، بهذا الخصوص، في مقابلة مع الصحيفة الفرنسية «لا كروا»، تناقلتها صحف الغرب: «احتراف الكتابة كمهنة، سواء عبر برامج المنح أو الدعم المالي، له تأثير سلبي على الأدب. وعلى الرغم من جاذبية هذا الدعم، إلا أنه يسهم في عزل الكتّاب عن مجتمعهم والفصل بينهم وبين منهل إبداعهم، وكذا يخلق علاقة غير صحية مع المؤسسات».
ويدعم إنغدال كلامه بأمثلة قائلاً: «كان الكتّاب فيما مضى يعملون بشتى المهن، من سائق تاكسي إلى موظف إداري أو نادل في مطعم ليوفروا رزقهم. الكثير منهم عاش بهذه الطريقة، مثل الكاتب المسرحي الإيرلندي صموئيل بيكيت.. وغيره. وكانت معاناتهم كبيرة لكنهم استطاعوا من وجهة نظر الأدب، تأمين قوتهم».
* * *
إبداع آسيوي وإفريقي
ويتابع إنغدال: «المشكلة هذه تبدو فقط في أدب الغرب، حيث لا يزال الإبداع الأدبي مزدهراً لدى الكتّاب الآسيويين والأفارقة. وأتمنى أن لا يسير أدباؤهم على خطى زملائهم في الغرب. ولا أعرف إن كنا سنتمكن، كما يقول مؤسس جائزة نوبل، الفريد نوبل، من مكافأة الإنجاز الإبداعي الأكثر تميزاً في التوجه الصحيح».
* * *
صناعة استهلاكية
وينتقل المحكم الشهير في حديثه إلى سمات الفائزين بجائزة نوبل قائلاً: «تزيد أعمار الفائزين عادة، عن 60 عاماً، وعليه فإنهم بعيدون عن المؤثرات والتغيرات التي يعيشها الكتّاب في يومنا هذا. وما يقلقني هو مستقبل الأدب في الغرب، في ظل معطيات السوق الحالية».
* * *
تضاريس الأدب
ويطال إنغدال في كلامه النقد الأدبي أيضاً قائلاً: «جرى تهميش الأدب الحقيقي في المرحلة الأخيرة لتحويل الكتاب إلى سلعة استهلاكية، كذلك الأمر بالنسبة للنقد الأدبي الذي أضحى فقيراً جداً. كانت تضاريس الأدب فيما مضى متنوعة بين جبال ووديان، لتتحول اليوم جزراً أو أرخبيلات، كل منها يعنى بجنس أدبي دون سواه وبمشهد لا يتغير».
* * *
سيرة
هوراس أوسكال إنغدال (1948). أديب وناقد ومؤرخ وعضو في الأكاديمية السويدية منذ عام 1997. وكان السكرتير الدائم والمتحدث الرسمي باسم جائزة نوبل، من عام 1999 وحتى 2009.
* * *
مستجدات
تسلمت لجنة جائزة «نوبل» الأدبية، حتى الوقت الحالي 259 طلب ترشيح للجائزة في دورة 2015، وقبل بينها 198 مرشحاً، ومن ضمنهم 36 يترشحون للمرة الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق