الاثنين، 27 أغسطس 2012


وادي الحلو ..قرية وادعة تحتـضــــــــــن التراث والحداثة بين الجبال







تعد وادي الحلو في الشارقة ، نموذجا فريداً لقرية جمعت بين التراث والحداثة، والأصالة والتطور العمراني والسياحي. الأمر الذي جعل منها منطقة سياحية تجذب الكثير من سكان الإمارات وزوارها، بفضل جمال طبيعتها وخصوصيتها. إضافة إلى مميزات موقعها، إذ تتسم بجغرافية حيوية، حيث تقع وسط جبال صخرية سوداء، بين كلباء وحتا .

سمي الوادي الموجود في قرية» وادي الحلو» ب» الحلو»، لمياهه العذبة والينابيع التي كانت تجري فيه قبل تحولات المناخ، حيث كانت المنطقة تتميز بطبيعتها الخضراء وبمزارعها ووديانها، ولم يكن يتجاوز عدد سكانها، آنذاك، ال 200 نسمة. وجميعهم من قبيلة المزروعي.


معالم جاذبة

يشعر الزائر لدى اقترابه من وادي الحلو، باختلاف جغرافية الطبيعة من حوله، حيث تنخفض درجة الحرارة والرطوبة، ليسير في طريق بين الجبال التي ترافقه مئات الكيلومترات، صعوداً وهبوطاً، بمنحنيات وتعرجات تزيد من متعة السفر، خاصة وأن الطريق ممهدة، كطرق السفر الخارجية.

وأول مشهد يقابل زائر الطريق في وادي الحلو، هو جماليات السور على جانبي الطريق، الذي يمتد على مرمى البصر، وما يلفت الانتباه بعد ذلك، البناء الأبيض الذي يشبه القلعة أو الحصن الأبيض بزخرفته الشرقية، والذي يتربع على قمة هضبة عالية.

أما أول الابنية التي تقابل الزائر، في وادي الحلو، فهي الحكومية، في الجهة اليمنى من الطريق، والتي يقابلها من الجهة الأخرى للطريق، جدار حجري شاهق الارتفاع بني بأسلوب المدرجات ضمن مخطط حماية المنطقة من انهيار الصخور الجبلة في موسم الأمطار.

وبعد التوقف أمام مكتبة وادي الحلو العامة، يسمع الزائر صوت خرير المياه، ليجد قبالته شلال مياه صناعيا ينساب على حجارة صخرية سوداء من أعلى الجدار، بارتفاع 42 مترا عن الطريق.


بين الحاضر والماضي

التقينا في «الوادي، بمريم محمد المزروعي وشمسة عبد الله المزروعي، ضمن مكتبة وادي الحلو. وتحدثتا( مريم وشمسة)، عن الحياة في المنطقة، بين الماضي والحاضر. وبداية، قالت شمسة في هذا الخصوص: «كانت الحياة قبل تحديث المنطقة، شاقة وصعبة، حيث كان على الاطفال بعد اتمام عامهم الدراسي الثالث في (الوادي)، التوجه إلى المدرسة في منطقة المنيعي، سيراً على الأقدام، وحين كانت تهطل الأمطار، وينهار أحد الجبال، كانت تنقطع الحركة بالكامل».

وتابعت: «كان إيقاع حياتنا صعباً وشاقاً، حتى أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتحديث المنطقة في التسعينات من القرن الماضي، إذ انتقل السكان من الشعبيتين القديمتين: قليعي وحران، إلى المساكن الجديدة على قمة جبل. كما استحدثت مدرسة للإناث، وأخرى للذكور، من المرحلة التأسيسية وحتى الثانوية».

ومن جهتها، قالت مريم، عن ذكريات المرحلة الأولى: «لدينا ذكريات جميلة وحنين إلى الحياة البسيطة السابقة، حيث كنا نذهب إلى مجرى المياه لغسل الملابس، بينما الأطفال يلعبون بين الأشجار. وكان الجميع يعتمد على زراعة التمور والرطب، وحب الدخن الذي تصنع منه حلوى لذيذة الطعم، إضافة إلى صناعة البثيث (لبن مجفف)».

وأضافت : «مع شق الطرق وتعبيدها، باتت الحياة أسهل. . ففي الماضي كانت الطرق وعرة والوصول إلى كلباء عبر طريق (قرقرة) من الحصى، كان شاقا وطويلا. وكثيراً ما كانت تلد النساء في الطريق نتيجة وعورته وطول المدة الزمنية. وأما طريق النفق الذي يصل بين وادي الحلو وكلباء، فاختصر علينا الزمن بصورة قياسية. إضافة إلى توفير كافة الخدمات في الوادي، بدءا من المركز الصحي ووصولا إلى نادي السيدات.

وفيما يتعلق بالحياة الاجتماعية، قالت مريم: «كان كل بيت في الشعبية يضم ثلاث أو أربع أسر، بينما في الشعبية الجديدة، تحصل كل أسرة على بيت مستقل خاص بها. وأما في ما يتعلق بالمدارس، فيقارب عدد الطلبة في كل صف من المراحل الدراسية، 15 طالباً أو طالبة، علماً أن عدد سكان الوادي وصل حالياً إلى ما يقرب من ال 600 نسمة. فاستحداث الوظائف والخدمات، ساعد في استقرار العديد من الأسر».

وصل، بعد انتهاء اللقاء مع شمسة ومريم، ابن الاولى، خالد عبد الله خميس المزروعي ( 12 عاماً )، ليأخذ « مسارات»، وعقب تجاوز الأبنية الحكومية، تشاهد المدرسة الإعدادية بالقرب من الجسر المتحلق، المحاط بالخضرة والزهور بألوانها المشرقة.

وفي أثناء مرورنا بجانب تلك المشاهد، شرع خالد في شرح مختلف تلك المعالم التي تتبدى في رحلتنا، فبدأ في الحديث عن طقوس السكان خلال رمضان المبارك: «يجتمع الرجال في الوادي، ومختلف سكانه، في شهر رمضان المبارك، بجانب بعضهم البعض، ليتناولوا طعام الإفطار بشكل جماعي( كبارا وصغارا). وأما نساء كل عائلة، فيجتمعن في بيت أحد وجهاء العائلة، ليزيد عدد المجتمعات عن 15 امرأة، إلى جانب الأطفال.

ولفت خالد انتباهنا، إلى ان جميع سكان الوادي، من قبيلة المزروعي، ويقوم على تسيير أمورهم ومتابعة شؤونهم، الوالي خميس سعيد المزروعي، منذ السبعينات من القرن الماضي.


معمار تراثي

انتقل خالد، بعد ذلك، إلى الحديث عن بيوت شعبية القليعي التي تضم حوالي 30 بيتاً، مقابل 12 بيتاً في الشعبية القديمة، مشيرا إلى أنه كانت الشعبية أشبه بمنطقة خارج هذا العالم، فهي بناء نموذجي بالكامل، من الأزقة المرصوفة وإلى الأبنية البيضاء، كما في المغرب أو اليونان.

وما يلفت الانتباه في جماليات العمارة في المكان، الاهتمام الكبير بالبوابات الحديدية التي يحمل كل منها زخارف وتصميمات لها خصوصيتها الفنية. وعلى تلك القمة أشار خالد إلى الجهة المقابلة، حيث تبنى شعبية جديدة تضم أكثر من 20 بيتاً.



.. الشعبيات القديمة

توجه بنا خالد بعد ذلك، إلى منطقة الشعبيات القديمة في عمق الوادي، حيث كان السكان يعانون الكثير في مواسم الأمطار، بفعل ما تسببه السيول والفيضانات من أضرار في الزراعة والماشية والمسكن. ودعانا إلى القيام بجولة في مزرعة جده الوالي، وأطلعنا على بئر المياه الجوفية وأشجار النخيل والرطب التي كان العمال «يخرفون»: يجنون عناقيدها.



ومن هناك، توجهت بنا الحافلة إلى المنطقة الأثرية، وحدثنا خالد عن بعض الآثار. وأولها المكان أو الخندق الذي كانوا يخزنون فيه التمر، ليبقى محفوظاً طيلة العام أو لتحويله إلى دبس. إذ كانوا يضعون التمر في سلال قشية، ويخيطونها، ومن ثم يحكمون طمرها في الخندق.



وخلال المسير في طريق جانبي وعر، شاهدنا بقايا آثار أبنية وأمكنة... وكانت المحطة الأخيرة في منطقة تعود التنقيبات فيها إلى العصر البرونزي وحتى الفترة الاسلامية.



.. في نفق وادي الحلو

شارفت رحلة وادي الحلو على نهايتها، عند دخولنا نفق وادي الحلو الذي يعد أطول نفق في منطقة الشرق الأوسط، والذي يخترق الجبل إلى كلباء، على طول ما يزيد عن 1250 متراً، بين جبال وادي المضيق ووادي القليعي، لنصل إلى كلباء خلال 20 دقيقة فقط.

تشجير الوادي

شارك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مجموعة من الشباب والشابات في الشهر الثاني من العام الجاري في إمارة الشارقة، في عملية غرس شتلات الأشجار في عدد من جبال منطقة وادي الحلو، عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الداعية إلى المحافظة على البيئة، والسعي إلى إعادة التوازن البيئي لصحاري الإمارات ومناطقها.

وكان قد بدأ مشروع التشجير قبل 3 سنوات، ومعظم الأشجار المزروعة على جبال وادي الحلو هي من نوع السدر، ولم يكن اختيار هذا النوع من الأشجار عشوائياً، إنما لأسباب عديدة، ومنها، أن شجر السدر مثمر، وله بذرة تقتات عليها بعض الطيور وبعض القوارض. كما أنها شجرة مزهرة لها زهور جميلة تعيش عليها أفواج النحل التي تكثر في هذه المنطقة، ويلاحظ أن العسل في هذه المنطقة قد تغير، وأصبح أجود مما كان عليه، وأصبحت كمياته أوفر من ذي قبل .



سوالف الماضي

حدثنا والي وادي الحلو، خميس سعيد المزروعي، عن طبيعة الحياة في الماضي في القرية: "كانت الحياة شاقة جداً، حيث كان يتطلب الوصول إلى كلباء، باستخدام الإبل أو البغال، ما يقارب اليوم ونصف اليوم.

وكنا نغادر الوادي في الصباح الباكر، ومن ثم نقيل( من الظهر إلى العصر)، في وادي المخاضة في منطقة البلح، لنتابع السير بعدها، حتى أطراف كلباء، وتحديدا منطقة الصاف أو العقدة، حيث نبيت حتى الصباح. واود الاشارة هنا إلى أن رحلتنا إلى مدينة الشارقة كانت تستغرق، من ستة إلى سبعة أيام، مع الإبل".

ويتابع خميس سعيد المزروعي:" في كلباء كنا نقايض الخشب والفحم (صخام)، بالأغذية، كالسّح (تمر) والرز والقهوة. وفي العودة نتوقف في وادي مي (المق)، لنستأنف رحلتنا في صباح اليوم التالي، عن طريق وادي القور.

وكنا نبني بيوتنا من الحجارة لنغطي السقف بسعف وجريد النخل، لتأمين الظل وللتقليل من تسرب الأمطار. وبدأنا، منذ العام 1968 أو العام 1969 تحديدا، استخدام (المقير). وهي عبارة عن أسطح من بلاستيك القار الذي يحمي من تسرب المياه لمدة ثلاثة أعوام، إن لم يتعرض للشمس). ويضيف والي وادي الحلو: " أول سيارة دخلت إلى الوادي كانت في العام 1970. وهي من نوع (بيك آب كروزر).

وصاحبها هو خميس سالم بن حماد المزروعي. وعموما، كنا نقود مركباتنا في "السيح": البر المفتوح خارج البلد. ولم نكن نعرف شيئا عن قواعد المرور، إلا حين نكون موجودين داخل البلاد في الشارقة، وذلك قرب الأبنية الحكومية والسوق.

وفي عام 1971، أهدى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلي، سيارة "لاندروفر". وبالطبع مع وجود السيارات باتت حركة الانتقال أسهل، لتصبح بعدها، محققة خلال زمن قياسي، بفعل افتتاح النفق بين الوادي وكلباء، إذ السرعة من 28 كم إلى 90 كم".

وأما عن بدايات انطلاق مشروعات التطوير والتحديث في الوادي، فيقول المزروعي: "أذكر حين أتى فريق من العمال والفنيين لتمديد الكهرباء إلى الوادي، وكذلك تركيب الأعمدة الخشبية. فعندها، توجهنا إلى العاملين خلال فترة شغلهم.

وقلنا لهم إن الأمطار ستقتلع الأعمدة من مكانها وستجرف أمتعتكم، ولكنهم لم يستمعوا إلينا. وسرعان ما هطلت الأمطار الغزيرة بعد العشاء، لتجرف السيارات والأعمدة والمعدات وحتى جوازات سفرهم. ولم يتوقعوا غزارة الأمطار في الوادي، إذ إنها تجري فوق سطح الأرض لمدة 20 يوماً بعد نزول المطر. وطبعا هذا الزمن تحول.

كما أن عدد السكان في الوادي، زاد، من 40 إلى 612 نسمة.. وكما كان أهالي المنطقة، في ما مضى، يتزوجون في سن مبكرة. فكثير من الشباب تزوج في السادسة عشرة من العمر". وختم والي وادي الحلو: " كانت أسماء الأماكن في الوادي والمنطقة عموما، تستمد من أسماء العائلات التي كانت تعيش كأسرة واحدة، وكان يفصل بين كل عائلة وأخرى ما قرابة ال 2 كم".



آثار الوادي



شاركت إدارة الآثار في دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، في الدورة السادسة والأربعين لمؤتمر الدراسات العربية في شهر يوليو الماضي، من العام الجاري، بورقة عمل عن آخر ما توصلت اليه عمليات التنقيب في منطقة وادي الحلو في الشارقة. وعقد المؤتمر في قاعة المحاضرات، في المتحف البريطاني في لندن . وتضمنت الورقة استعراض الدليل الأثري على ممارسة أنشطة تتعلق بعمليات التعدين والصهر، في موقع يعود إلى العصر البرونزي وحتى الفترة الاسلامية.



المكتبة العامة



باشرت مكتبة وادي الحلو عملها عام 2006 م. وافتتحت رسميا من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في 28 أغسطس، من عام 2008. وتضم المكتبة العامة في وادي الحلو، كافة احتياجات الطلبة والأكاديميين، من الكتب إلى جانب الانترنت. وكذلك مكتبة الطفل التي تضم مختلف أنواع القصص وأحدثها. إضافة إلى ألعاب التركيب لتنمية ذكاء الأطفال، إلى جانب عرض الأفلام الكرتونية والترفيهية التربوية.



«السدر»



في وادي الحلو بدأ مشروع التشجير قبل 3 سنوات، ومعظم الأشجار المزروعة على جبال وادي الحلو هي من نوع السدر، ولم يكن اختيار هذا النوع من الأشجار عشوائياً، إنما لأسباب عديدة، ومنها، أن شجر السدر مثمر، وله بذرة تقتات عليها بعض الطيور وبعض القوارض. كما أنها شجرة مزهرة لها زهور جميلة تعيش عليها أفواج النحل التي تكثر في هذه المنطقة، ويلاحظ أن العسل في هذه المنطقة قد تغير، وأصبح أجود مما كان عليه، وأصبحت كمياته أوفر من ذي قبل .



التوازن البيئي



شارك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مجموعة من الشباب والشابات في الشهر الثاني من العام الجاري في إمارة الشارقة، في عملية غرس شتلات الأشجار في عدد من جبال منطقة وادي الحلو، عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الداعية إلى المحافظة على البيئة، والسعي إلى إعادة التوازن البيئي لصحاري الإمارات ومناطقها.



تشجير الوادي



شارك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مجموعة من الشباب والشابات في الشهر الثاني من العام الجاري في إمارة الشارقة، في عملية غرس شتلات الأشجار في عدد من جبال منطقة وادي الحلو، عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الداعية إلى المحافظة على البيئة، والسعي إلى إعادة التوازن البيئي لصحاري الإمارات ومناطقها.

في وادي الحلو بدأ مشروع التشجير قبل 3 سنوات، ومعظم الأشجار المزروعة على جبال وادي الحلو هي من نوع السدر، ولم يكن اختيار هذا النوع من الأشجار عشوائياً، إنما لأسباب عديدة، ومنها، أن شجر السدر مثمر، وله بذرة تقتات عليها بعض الطيور وبعض القوارض. كما أنها شجرة مزهرة لها زهور جميلة تعيش عليها أفواج النحل التي تكثر في هذه المنطقة، ويلاحظ أن العسل في هذه المنطقة قد تغير، وأصبح أجود مما كان عليه، وأصبحت كمياته أوفر من ذي قبل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق