الأحد، 23 يوليو 2017

ياسمينة خضرا .. الروائي الجزائري الشهير عالمياً والمغبون عربياً

روائي جزائري ترجمت أعماله إلى 33 لغة


دبي - رشا المالح




روائي عربي معاصر تجاوزت أصداء شهرته في الغرب التوقعات، وبينما يحتفي به الإعلام الغربي في مهرجاناته الأدبية، لتتضمن نشرات الأخبار نبأ وصوله ومشاركته في أي بلد يزورها، فإن حضوره ومشاركته في أي فعالية ثقافية بالعالم العربي يمران مرور الكرام.

إنه الأديب الجزائري محمد مولسهول (1955) الشهير بلقب «ياسمينة خضرا» المقيم في فرنسا منذ تقاعده عام 2000م، والذي ترجمت رواياته في 50 بلداً إلى 33 لغة، وليتجاوز عدد قرائه 10 ملايين، إلى جانب نوادي القراء الخاصة بمعجبيه في معظم البلدان الغربية من أوروبا إلى أميركا.

وسبق أن أثار زوبعة في الأوساط الأدبية الغربية التي سكنها أكثر من عقد من الزمان، هاجس معرفة هوية «ياسمينة خضرا»، حتى كشف بنفسه عن اسمه الحقيقي بعد تقاعده من الجيش، واستقراره في فرنسا تزامناً مع نشره سيرته الذاتية «الكاتب» عام 2001.

وأتاحت دعوة خضرا إلى «مهرجان طيران الإمارات للآداب»، في دورته الأخيرة خلال شهر مارس الماضي، فرصة للقاء «البيان» به، والتعرف إلى تجربته الإنسانية والأدبية والإبداعية الغنية بكل ما تحفل به الحياة من تجارب، فكان هذا الحوار:
ما الأسس التي تعتمدها في رواياتك؟
الرواية الناجحة كالبنيان المرصوص، والخيال فيها يصبح يوماً ما حقيقة، أما شخصيات أعمالي فأستلهمها من الواقع المعيش وتجاربي الحياتية، بالمجمل الصدق والمثابرة والموهبة هي الأساس، علماً أن الروائي العربي يواجه تحديات أكبر من نظيره في الغرب، لأننا أبناء حضارة الشعر، والرواية حديثة في تاريخنا نسبياً.

لماذا اخترت السلك العسكري مهنةً وأنت الأديب؟
الجيش لم يكن خياري، فوالدي أدخلني المدرسة العسكرية التي احتضنت في بداية تأسيسها أيتام شهداء ثورة استقلال الجزائر، لتتفوق المدرسة بمنهاجها، وتصبح مقصد أبناء المثقفين والضباط، ووالدي واحد منهم، فعشت في هذه المدرسة الداخلية مع اليتامى حتى تخرجت لأخدم في الجيش أكثر من 36 عاماً حتى تقاعدي.

كيف تصف تجربة عيشك في مدرسة داخلية وعسكرية في الوقت نفسه؟
كانت تجربة صعبة منحتني قوة داخلية، واحتجت إلى زمن طويل كي أتغلب على الوجع الذي لست أدري كيف تجاوزته، كنا كالطيور في القفص.
هل تعايشك مع اليتامى دفعك إلى أن تكون أديباً؟
بالطبع لا، تعايشي معهم أغنى الجانب الإنساني في شخصيتي، وألهمني ملامح العديد من الشخصيات الروائية، أما موهبتي كأديب فمرجعها أني بدوي ابن الصحراء، وورثت عن أجدادي الموهبة، حيث يمتد تاريخ عائلة مولسهول التي حكمت ولاية صحراوية في الجزائر أكثر من ستة قرون، ومعظمهم شعراء أو علماء، وعليه علاقتي بالكتابة تاريخية.

ابن الصحراء وتكتب بالفرنسية، لماذا؟
الكتاب العربي الوحيد الذي كان متوافراً في طفولتي هو «كليلة ودمنة»، وفي مرحلة دراستي المتوسطة أحببت اللغة العربية ونفرت من الفرنسية، إلا أن المفارقة تكمن في غياب تشجيع أساتذتي على كتابتي القصائد وانتقادها بسلبية، معتبرين سنوات عمري آنذاك، وهي 13، لا تؤهلني لكتابة الشعر، بعكس تجربتي مع أستاذي الفرنسي الذي لفتت انتباهه خصوبة مخيلتي، على الرغم من ضعف لغتي، لكن ذلك لم يثنِه عن تشجيعي وتحفيزي، ورويداً رويداً تغلبت فرنسيتي على عربيتي.

ما نوعية قراءاتك قبل كتابة روايتك الأولى؟
تعرفت في البداية خلال المرحلة المتوسطة إلى الأدباء العرب كالرصافي وجبران خليل جبران وأحمد رضا حوحو وغيرهم من خلال ترجماتهم الفرنسية، ثم قرأت أعمال طه حسين ونجيب محفوظ، وتوجهت بعدها إلى الأدب العالمي، وفي مقدمته الأدباء الروس، وأولهم الروائي مكسيم غوركي والشاعر بوشكين، ومنه إلى الأدب الفرنسي، لأقرأ قصص المغامرات التي كانت تنتشلني من أسوار المدرسة وكابوس حياتي اليومية.
متى نشرت أول عمل لك، وكيف كانت أصداؤه؟
كان عمري 17 عاماً حينما قدمت أول كتاب لي بعنوان «حورية»، وهو مجموعة قصص قصيرة بالعربية، إلى دار النشر الحكومية، ولم يصدر إلا بعد مضي ثماني سنوات، وعرفت بصدوره مصادفة، عندما خرجت في إحدى الليالي لأتجول بشوارع وهران بعد محنة عاطفية، مضيت في التجوال حتى التاسعة صباحاً، حينها قررت دخول مكتبة لشراء كتاب، وفيها التقيت ثلاثة شبان من السودان، وكانوا يقلبون الكتب، وسألتهم إن قرأوا لكتّاب جزائريين، فابتسموا وقالوا إنهم لا يملكون المال لشراء ما يريدون، وهنا قلت لهم إني سأدفع ثمن الكتاب الذي يرغبون في اقتنائه، وحينما قالوا اسم الكتاب واسم الكاتب لصاحب المكتب، فوجئت وشعرت بالذهول، فهو كتابي الذي لم يخبرني أحد بصدوره.

حدثنا عن تجربتك مع النشر في الدور الفرنسية؟
أرسلت، في بداية التسعينيات من القرن الماضي، أول رواية لي كتبتها بالفرنسية إلى دار النشر الشهيرة «غاليمار» دون ذكر اسمي أو عنواني، إذ كنت حينها أعمل في الجيش، وبعد مضي شهرين اتصلت بهم، وأحسست أن الدار اهتزت لدى اتصالي، وحافظت على سرية اسمي، لأصدر قبل تقاعدي 14 رواية، وشهدت تلك المرحلة العديد من المناورات لكشف هويتي، وكنت الشغل الشاغل للنقاد بينما كنت أدير الحرب، وكم كانت خيبتهم كبيرة حينما أدركوا أن الكاتب رجل مسلم وفوقها عسكري.
ما الذي ميز رواياتك وحقق شهرتها؟
أسهمت الظروف الصعبة، التي كنا نعيشها خلال حرب «العشرية السوداء» ضد التطرف والإرهاب، في كتابتي بكل جوارحي وكل طاقتي للأجيال القادمة، لشعوري بأني لن أبقى على قيد الحياة، خاصة أن معظم رفاقي من ضباط وجنود فارقوا الحياة، وبعد تقاعدي في بداية الألفية كانت حياتي في خطر، فسافرت مع أسرتي إلى المكسيك لرصد الأجواء قبل توجهي للاستقرار في فرنسا مع نهاية الحرب.

كيف تتجدد كمبدع، ومن أين تستلهم موضوعات رواياتك؟
أكتب دون انتظار مقابل كالشهرة والنجاح، أنا أكتب لأن الرواية وطني وفيها أعيش، فأنا الرئيس تارة والعسكري تارة أخرى، وبينهما أصبح المواطن وبعدها الشرطي، وأنا فخور بالعطاء، فالشهرة تكليف وليست تشريفاً، يكفيني دوري كأديب يمثل الوطن العربي، وسفيره في عالم الكتاب، ولا يعنيني ما يكتبه النقاد عني، فالكاتب هو الناقد الأول لنفسه، أما قارئتي الأولى فهي زوجتي.

عشقت الشعر منذ طفولتك، فلمَ أصبحت روائياً؟
الشاعر بلغته، وهو ما يميزني عن غيري من الروائيين الذين يكتبون بالفرنسية، فلغتي شعرية أدبية وجديدة تجذب قراءي الذين يحبون أسلوبي الذي أجمع فيه بين الشعر والفلسفة والمعاني الإنسانية، إلى جانب مضمون أحداثها الحافلة بالمواقف والمغامرات الشائقة التي تشبع الروح والفكر.
ما رأيك في الرواية الأكثر مبيعاً السائدة في الغرب؟
لكل جنس في الرواية شريحة من القراء، لا يهم نوعها، الأهم أن يكون الكتاب حاضراً في كل مكان بصرف النظر عن نوعه ومكانة الكاتب، بالمجمل الناس البسطاء هم الشريحة الأوسع التي تبحث عن العمل الأدبي الإنساني.

رصيد الجوائز
فاز ياسمينة خضرا بالعديد من الجوائز الأدبية العالمية كجائزة أفضل رواية في فرنسا عن رواية فضل الليل على النهار 2009، و«أفضل كتاب لعام 2005» من سان فرانسيسكو، وجائزة المكتبات 2006 التي تضم اختيار أكثر من خمسة آلاف مكتبة حول العالم، و«جائزة الأدب الكبرى – هنري غال» من الأكاديمية الفرنسية 2011.
روايات للكاتب
حورية 1984
آمين 1984
بنت الجسر 1985
القاهرة - خلية الموت 1986
من الناحية الأخرى للمدينة 1988
امتياز العنقاء 1989
الجنون بالمبضع 1990
معرض الأوباش 1993
موريتوري 1997
خريف الأوهام 1998
أبيض مزدوج 1998
خرفان المولى 1998
بماذا تحلم الدببة 1999
الكاتب 2001
دجال الكلمات 2002
سنونوات كابول 2002
ابنة العم ك 2003
حصة الموت 2004
زهرة البليدة 2005
صفارات إنذار بغداد 2006
الصدمة 2007
فضل الليل على النهار 2008
آلهة الشدائد 2010
المعادلة الأفريقية 2011
الملائكة تموت من جراحنا 2013
ماذا تنتظر القردة 2014
ليلة الدكتاتور الأخيرة 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق