بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الجمعة، 25 فبراير 2011

أدب السجون

رواية السجون تتمرد على الكلاسيكية


المصدر: رشا المالح - البيان
التاريخ: 13 فبراير 2011



قالت الكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف (‬1882 ـــ ‬1942) في أدب السجون، (رواية السجون .. تتجاوز النسق الروائي الكلاسيكي المألوف القائم أساساً على قانون السببية، والمتصالح أصلاً مع نمط العلاقات والمفاهيم الأخلاقية السائدة).

يعتبر أدب السجون جزءاً لا يتجزأ من الأدب العالمي، ويكتسب خصوصيته من مصداقية أحداثه التي تنتقل من الواقع إلى أدب الخيال لتسليط الضوء على معاناة إنسان أو مجموعة احتجزت في دون إرادة منها في معتقل، وهذا المعتقل يتراوح ما بين السجن، والإقامة الجبرية إلى المنفى.

تاريخ الأدب العالمي حافل بالعديد من الأعمال الكلاسيكية التي تندرج تحت أدب السجون، ابتداء من العصور القديمة وحتى الزمن الراهن سواء في الغرب أو الشرق.

ونظراً لسعة هذا الموضوع، سيتم التركيز في على أدب الرواية، وأبرز الأعمال التي تناولت هذا الجانب في العالمين، حيث استلهم معظم الروائيين في هذا الحقل من الأدب، أعمالهم من تجربتهم الشخصية التي كتبوها إما خلال تواجدهم في السجن أو بعد إطلاق سراحهم، وفي بعض الأحيان من خلال سرد تجربة السجين لأحد الروائيين الذي يقوم بتوثيق تجربته بصورة أدبية والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.

الأدب الغربي
استلهم الروائي الاسباني ميغيل سيرفانتس (‬1547- ‬1616) روايته الشهيرة (دون كيخوته) التي نشرت عام ‬1605من الفترة التي قضاها سجينا، بعد اعتقاله عام ‬1575 مع فريق السفينة التي كانت تنقل فريقا من الجيش الاسباني إلى برشلونة.
أمضى سيرفانتس خمس سنوات كأسير أو بالأحرى كعبد، مع أربع محاولات فاشلة للهرب. ولم يطلق سراحه إلا بعد دفع عائلته وهيئة مسيحية لفدية كبيرة. وإلى جانب روايته الشهيرة التي تعتبر الرواية الأهم لبدايات الأدب الحديث كتب مسرحيتين من وحي تلك المرحلة.

سطر الروائي والسجين الفار الفرنسي هنري شاريير (‬1906 ـــ ‬1973) تجربته في السجن من خلال روايته (الفراشة). اتهم شاريير بجريمة قتل أحد القوادين وأدين على الرغم من براءته، ولفقت التهمة بشاهد زور وأصدر الحكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة في ‬26 أكتوبر ‬1931م وبعد سجنه في كايين لفترة مؤقتة تم نقله إلى سجن مستعمرة غويانا الفرنسية. وفي عام ‬1970م أشعل شاريير النار في العالم، حينما نشر روايته «الفراشة» التي تحكي تجربته الحياتية على مدى ‬13 عاما، ابتداء من ‬1932م وحتى ‬1945م وصور في روايته البؤس والمعاملة اللا إنسانية للنظام الفرنسي بشأن المحكوم عليهم. وقد حقق كتابه فور نشره نجاحا واسعا وبيعت ملايين النسخ وتربع على قائمة الكتب الأكثر مبيعا في مختلف الأزمنة.

أدب الشرق الأقصى

أمضى الشاعر والروائي زانغ كزليانغ الذي ولد عام ‬1936 ، اثنين وعشرين عاما من حياته في السجون ومعسكرات إعادة التأهيل خلال حكم ماو تسي تونغ. وبدأ بكتابة ونشر قصائده حينما كان في الثالثة عشرة من عمره.
وساهمت دراسته للفن والأدب في الأربعينات والخمسينات في تكوين أساس صلب ساعده في الصمود خلال سنوات الأسر في المعسكرات.

وتغطي أحداث روايته (نصف الرجل امرأة) المرحلة الأخيرة من الثورة الثقافية التي تنتهي بمقتل الثائر زو ابنلاي في يناير وقبل موت ماو في سبتمبر. وتبدأ أحداثها في ربيع عام ‬1966، حين كانت الثورة الثقافية تستعد للانطلاق بهدفها في تغييب إرادة الإنسان لصالح السلطات.

وأثارت روايته ثورة عارمة سواء بين العامة أو الأوساط الأدبية وذلك بسبب تناوله لثالوث المحرمات في الصين الذي يشمل السياسة والهوى وعدم التكيف.

الأدب الأفريقي
كتب الروائي النيجيري كين سارو ويوا (‬1941 ـــ ‬1995) خلال وجوده في السجن في خضم الحرب الأهلية ما بين ‬1967 إلى ‬1970 روايته (الفتى سوزا)، ويحكي فيها قصة فتى قروي ساذج تم تعيينه في الجيش خلال الحرب الأهلية. ويتطرق في عمله إلى الفساد السياسي والحكام والنظام العسكري.

صور الروائي الجنوب أفريقي أليكس لاغوما (‬1925 ـــ‬1985) وقائد مجموعة شعب جنوب أفريقيا الملون، في روايته (في ضباب نهاية الموسم) التي كتبها خلال تواجده في السجن، سيرته الذاتية إلى جانب حياة أفراد المقاومة السرية في مدينة كيب تاون ضد التمييز العنصري، الذين كانوا يخاطرون بحياتهم لأجل حريتهم كل يوم، وقد نشر الرواية عام ‬1972.


الأدب العربي

قال محمد أمين العالم الناقد المصري الكبير عن الرواية العربية في أدب السجون، (تندرج رواية السجون أساساً في إطار الرواية الدرامية حيث يشكل المعتقل في حد ذاته الحدث، في حالة الفعل والحركة.

انه الحياة في ذروة احتدام الصراع بين الحدود القصوى لمكوناتها في مكان ضيق تنحصر فيه العلاقة بين الضحية ومجابهة جلادها). كما تتنوع تقنيات رواية السجن بين التداعيات والانتقال بين الزمان والمكان الداخلي والخارجي.

وقد كتب العديد من الروائيين العرب في أدب السجون منهم على سبيل المثال: عبد الرحمن منيف (رواية/ شرق المتوسط)، عبد اللطيف اللعبي (رواية/ مجنون الأمل)، فاضل الغزاوي (رواية/ القلعة الخامسة)، الطاهر بن جلون (رواية/ تلك العتمة الباهرة)، إلى رواية (وطن خلف القضبان) للروائي السوداني خالد عويس، وفي أدب السيرة الذاتية والرواية الوثائقية كتاب (سجينة) لمليكة بوفقير، و(أحلم بزنزانة من كرز) لسهى بشارة وكوزيت خوري، و(سمير القنطار ـــ قصتي) التي وثقها حسان الزين.


تناول الروائي السعودي عبدالرحمن منيف (‬1933 ـــ ‬2004) في روايته (شرق المتوسط) التي نشرها عام ‬1975، معاناة سجين ابتداء من اللحظة الأولى لدخوله السجن وحتى وقوفه على ظهر الباخرة التي ستقله إلى المغرب ليتعالج من الروماتيزم الذي اصابه في أقبية السجون. وتبقى شخصية بطله رجب الذي عاش حياة السجون على مدى خمس سنوات، في ذاكرة القارئ لزمن طويل بعد الانتهاء من قراءتها.

وما أكسب تلك الرواية قيمتها الإنسانية معالجتها لجوانب أخرى من واقع الحياة كالجانب الاجتماعي وإشكالية العلاقة بين الشرق والغرب، وحال المرأة في العالم العربي.
جاءت رواية ( تلك العتمة الباهرة ) لـلروائي المغربي الطاهر بن جلون (‬1944 ـــ ‬2010)، بـأحداثها المؤلمة شهادة حية أخرى على تواتر أدب السجون. استلهم بن جلون موضوع عمله من أحد معتقلي سجن (تزما مارت) الذي قضى فيه عشرين عاماً قبل أن يطلق سراحه عام ‬1991.
وقال النقاد إن قيمة الرواية الأدبية مستمدة من معادلة التوازن بين قيمة الحدث، وقيمة شخصية البطل من تكوينها وتداعياتها النفسية، وحبكة التغييرات التي تؤثر في معالم الشخصية. وتتجلى هذه القيمة أيضا في التوازن الفني لهيكل الرواية بين الطرفين الذي يبنى على الحدث.

هناك تعليقان (2):

  1. تحياتي لك ياسيدتي... لقد تمكنت بهذه الاسطر أن تثيري فينا ذكريات وأحداثا عما نعيشه ونعايشه في وطننا العربي - السجن الكبير........مع تقديري

    ردحذف