بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

السبت، 26 ديسمبر 2015

خالد الساعي: فن الحروفيات يفتح نافذة على علوم ومعارف العرب



خالد الساعي: الحرف قيمة تشكيلية بصرية يحمل إمكانية تفعيله بأبعاده الفكرية والحسابية والإنسانية



"معظم من دخل هذا الفن إما خطاط أو تشكيلي، وعليه انحصرت جماليات اللوحة في إطار مجتزأ"
دبي – رشا المالح
التاريخ 27 ديسمبر 2015

اللوحة الدائرية مستوحاة من نص للشاعر أبن الفارض

يُفاجئك عالم الفنون البصرية بين الحين والآخر بلقاء يفتح بصيرة المحاور والمتلقي على عوالم بمثابة ثروة من المعرفة، لتدرك أنك في لقاء أشبه بالينبوع الذي لا ينضب بما فيه من علوم ومعارف العرب في الفنون والفلسفة وأسرار علوم الأرقام والفلك. وعليه فمن الطبيعي أن يتخذ الحوار مع فنان الحروفيات التشكيلي خالد الساعي، بعداً أوسع وأعمق وأغنى بانفتاحه على تلك العوالم التي ندر اجتماعها في فنان عربي شاب، ولا عجب أن تحمل تجربته زخم الإبداع الذي حرصت معظم بلدان العالم على استضافته والنهل من معرفته.

بدأت تداعيات الحوار من إحداثيات طبيعة مشاركته في الدورة الأخيرة من معرض "فن أبوظبي" 2015 خلال الشهر الماضي التي قال عنها: "شاركت في المعرض بسبع لوحات تحت مظلة الغاليري السويسري "إيه بي"، وكم كنت سعيداً ببيع جميع لوحاتي التي تمحورت حول "قصة شرقية" في اليوم الأول من المعرض".

مقام النهاوند


توارث الفنون
هذا الإقبال على أعماله دفعنا إلى سؤاله عن خصوصية أسلوبه في فن الحروفيات الذي أقبل عليه نسبة كبيرة من الفنانين العرب في السنوات العشر الأخيرة وبات من الصعب تميز الفنان فيه، وبتواضع قال: "معظم من دخل هذا الفن إما خطاط أو تشكيلي وعليه انحصرت جماليات اللوحة في إطار مجتزأ. أما من يصل إلى التميز في الحروفيات فهو الجامع لكليهما. وأنا تعلمت منذ طفولتي فنون الخط العربي بحكم نشأتي في كنف عائلة فنية غنية بالثقافة والمعرفة والتي توارثت فنون الخط منذ العهد العثماني وحتى اليوم إلى جانب الرسم والموسيقى. وبعد التحاقي بكلية الفنون الجميلة في دمشق تفرغت بالكامل وعلى مدى سبع سنوات بما فيها دراساتي العليا للرسم. عدت بعدها إلى الخط وبعد عامين حصلت على ماجستير في الخط العربي من اسطنبول عام 1997".



دمشق من مقام البياتي الذي يعكس حزنا شفيفاً

عناصر الحروف
ويقول الساعي عن المرحلة التي جمع فيها بين التشكيل والخط: "الحرف قيمة تشكيلية بصرية يحمل إمكانية تفعيله وتثويره ضمن منظومة معرفة الفنان بأبعاده فللخطوط العربية السبعة ما لا يقل عن 70 شكل، إلى جانب انتماء الحرف إما للحروف الهوائية أو النارية أو الترابية أو المائية اللينة. وإن تعمقنا أكثر دخلنا في البعد الصوتي للحروف التي يحمل كل منها رمزه ورقمه. ويتجلى هذا الجانب في الأشعار التي زينت أبواب الجوامع في بداية العهد العباسي، فإن أخذنا أرقام الحروف الأولى من كل كلمة في بيت الشعر، لعرفنا تاريخ تأسيس الجامع، وهذا يحيلنا إلى علم القبالة".

لوحة من بحر الوافر الخفيف المقارب لمقام سيكا


الأبعاد السبعة
ولدى طلبنا الاستزادة من هذا العلم يقول: "للحروف سبعة أبعاد هي: شكل العناصر المرتبط بالدلالات الشكلية لعناصر الطبيعة كحرف العين المأخوذ من شكل عين الإنسان والحاء من حبة اللوز، والبعد الحسابي من ترتيب "أ ب ج د ه و ز"، والعرفاني المرتبط بالجلالة والقرآن فحرف اللام للملاك جبريل وحرف الميم لنبينا محمد "صلى الله عليه وسلم"، والموسيقي ذو العلاقة بالصوتيات واللسانيات، والمادي المرتبط بعناصر الطبيعة الأربعة الهواء والنار والتراب والماء والتي تبحر فيها ابن العربي، وكينونة الحرف وبعده الإنساني الذي تتمثل فيه قيمة الإنسان الذي كتبه والذي نشأ عنه علم تحليل الخطوط".

مقام الراست والحجاز والسيكا


مقامات اللوحة
ويتحدث عن انعكاسات هذه المعارف على أسلوبه قائلاً: "الحرف في لوحتي مرتبط بالمقام الموسيقي فإن كان المقام شرقيا ثقيلا كمقام الراست، بدت خطوط اللوحة جزلة قوية برسمها وألوانها في وحدة متكاملة، وإن كان المقام جبلياً استخدمت الخط السنبلي الموافق له لتعكس لوحتي إيقاعاً حركياً بألوان ديناميكية".

وينتقل إلى إيقاع عمله اليومي كفنان متفرغ قائلاً: "أعمل في السنوات الخمس الأخيرة ما يقارب في بعض الأحيان من 17 ساعة في اليوم وحياتي مكرسة بمجملها للفن. وأستلهم مواضيع لوحاتي من قراءاتي الدائمة في الشعر والرواية والأدب عموماً".
وبعد الاستنارة بهذه المعرفة يدرك المشاهد لأعمال الساعي السر الكامن في تفرد جمالياتها وانجذابه إليها، ليعيد بمعرفته قراءتها وتذوق فنونها بأبعاد جديدة لها قيمتها الروحية والفكرية.
مقام الصبا



سيرة الساعي
حصد العديد من الجوائز منها جائزة ملتقى الشارقة في الخط 2002 و 2006، وجائزة المركز البريطاني عام 1998، كما فاز بالمركز الأول في خط الديواني الجلي في جائزة البركة والمسابقة العالمية للخط باستانبول وعدد كثير من الجوائز الاخرى. أقام الساعي أكثر من 30 معرضا فرديا في مختلف بلدان العالم من أوروبا إلى أميركا الشمالية والجنوبية وغيرها، كما اقتنيت أعماله من كبرى المتاحف والمؤسسات.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق