بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الثلاثاء، 24 يناير 2012

السينما الصامتة لغة عالمية في ذاكرة الحاضر

 


ترجع جذور صناعة السينما إلى 3000 عام قبل الميلاد، حيث كان رجل الكهف يقدم حركات إيمائية بيديه بجانب النار لتنعكس ظلالها على جدران الكهف، وتلاه الصينيون بمسرح الظل، ومن بعدها رحلة اكتشاف العدسات وانعكاسات الضوء، والمعالجة الكيميائية للمواد الحساسة للضوء التي تطورت على مدى العصور.

يعود بنا تقصي تاريخ السينما الصامتة، إلى ما قبل ثلاث سنوات من رسم الفنان والعالم الإيطالي ليوناردو دافنشي (1452 1519) للوحته (الموناليزا)، حيث عُثر بين أوراقه على تصميم كامل لصندوق الكاميرا المظلمة كان قد رسمه عام 1500، كما تشير سيرته الذاتية إلى دراسة أخرى له عن الكاميرا والمصباح السحري.

وقدم عالم الرياضيات الإيطالي جيرولامو كاردانو (1501 1576) في القرن السادس عشر السينما الحية، معتمداً على صندوق الكاميرا المظلمة، حيث كان يجلس الأشراف في غرفة لتنعكس صورتهم الحية خارجاً، ووثَّق تفاصيل تجربته الدقيقة معتمداً على عدسات ثنائية محدبة. وأضاف عالم الفلك والرياضيات الألماني يوهانز كيبلر (1571 1630) المزيد من التطور لآلية عمل الكاميرا، من خلال كيفية تحويل الثنائية الثابتة للصورة إلى متحركة، واستخدمها الفنانون والأطباء على حد سواء.

وظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر كاميرا (الفانوس السحري) التي أطلقت خيال الفنانين بتقديم صور مرعبة من الأشبــاح والهياكل العظميــة على الجدار. ولاقت عروض الفانوس السحري في أوروبـــا شعبية واسعة خاصة في فرنسا، وكانت الغايــة من العـــروض إرعاب المشاهدين.

ويقال إن هذه الأفلام كانت نواة تطور سينما الرعب في الغرب. استغرقت الرحلة من الكهف إلى جهاز الكاينتوسكوب الذي تلى الفانوس السحري، ما يقارب 2450 عاماً، أما الجهاز فكان أشبه بنواة عرض السينما، وإن كان تصميمه ليتم عرض الأفلام بشكل فردي من خلال عدسة للعين في صندوق كبير.

ويتجلى مما سبق مشاركة العديد من العلماء والمختصين في تطوير آلة الكاميرا المتحركة، إلا أن العالم الذي كان لــه الدور الأكــبر في تطويــر هذه الآلة إلى مفهوم تجاري هو توماس أديسون ومساعده ويليام ك ديكسون عام 1892، حيث قدموا أفلاماً عملية على فيلم 35 مم، والذي بقي في السينما كمقياس معتمد حتى يومنا هذا. أما أول عرض لجهاز كاينتوسكوب فكان في 14 أبريل عام 1894 في نيويورك.ولا يمكن إرجاع اختراع آلة السينمــا إلى أي اسم بالتحديد فقد شارك عدد كبير في تطويرها.

ولكن يرجع إلى الأخوين لويس وأوغســـت لوميير في فرنسا الذين ابتكروا كاميرتهم الخاصة المحمولة وجهاز العرض، وأطلق على كاميرتهم اسم (سينماتوغراف)، وكانت سرعة التصوير في فيلمهم 16 كادر في الثانية والتي استمرت حتى ظهور السينما الناطقة التي اعتمد بعدها مقياس السرعة على 24 كادر.



أول فيلم

أُنتج الفيلم الأول في العالم في استوديو (ماريا السوداء)، الذي بني على أرض مختبرات العالم أديسون غرب أورانج بنيو جيرسي، في الأول من فبراير عام 1893 بكلفة بلغت 637.67 دولاراً أميركياً. وقد سجل أديسون حقوق ملكية أول فيلم في مكتب الكونغرس عام 1893. وحمل الفيلم اسم (العطسة)، وكان الأول ضمن سلسلة من الأفلام القصيرة التي صنعها لجمهور جهاز الفانوس السحري. وكانت مدة الفيلم خمس ثوان، وعبارة عن مجموعة من اللقطات الثابتة مع تسجيل كوميدي لمساعده فريد أوتو وهو يعطس. ويعتبر هذا الفيلم من الأفلام النادرة التي تمكن القائمون على السينما من إنقاذها.

أما أول فيلم سردي فكان للويس لو برنس عام 1888، وكانت مدته ثانيتان عن أشخاص يسيرون في حدائق شوارع أوكوود وحمل عنوان (مشهد حديقة راونداي). كما ازدهرت الأفلام لتصل إلى (العهد الصامت) الذي سبق السينما الناطقة في نهاية العشرينات، وتميزت بنوعية عالية من الجودة.وتمركزت معظم شركات الانتـــاج في الولايـــات المتحــدة في أو بجانب هولييــود على الساحل الغربي.

إضافة إلى صناعة بعض الأفـــلام في نيوجــيرســــي وأستوريـــا في لونــغ آيلند. وتحولت السينما إلى صناعة ضخمة في منتصــف العشرينات، حيث بلغ مجمـــوع رأس المـــال المستثمر مليــاريّ دولار. ومـــع نهايـــــة العشرينـــــات كان في هوليــوود 20 استوديــو وكان الطلب على الأفلام أكبر من أي وقـــت مضى. والكثيرون لا يدركون أن أضخم انتاج للأفـــلام كان في الولايات المتحدة ما بين العشرينات والثلاثينات بمعدل إصدار 800 فيلم في العام، مقارنة بالإنتاج الحالي الذي يتجاوز 500 فيلم في العام.

والفيلم الصامت يعتمد عادة على حركات الإيماء لدى الممثلين إلى جانب لوحات الكتابة التي تظهر بين بعض المشاهد والفرق الموسيقية التي ترافق الأفلام، والتي بدأت بمصاحبة البيانو كما في أفلام لوميير. واعتبرت الموسيقى جزءاً رئيسياً من صناعة السينما منذ البداية لتتطور وتأخذ صفة الموسيقى التصويرية.

كانت الأفلام الصامتة في بدايتهـــا قصيرة ولا تتجاوز مدتها دقائق معدودة، ووصلــــت إلى أوجهـا من حيث بنية قصة الفيلم وطولــه في أوائل عام 1910، ومن أبرز أفلام السينما الصامتــة فيلم (مولد أمـــة) عام 1915 من الولايات المتحدة للمخرج ديفيد وارك غريفيث (1849 -1875).

وفيلــم (قمرة الدكتــور كاليغاري) عام 1919 من ألمانيـــا (1873 1938)، وفيــ روسيــا فيلم (إضراب) عام 1925 للمخرج سيرغي آيسنشتاين (1898 1948).أما الأفلام التي كتب لها أن يستمر عرضها حتى يومنا هذا وتلقى إقبالاً كبيرا،ً فهي أفلام الفنان والمخرج السينمائي شارلي شابلن (1889 1977) الذي اعتبر ظاهرة فنية تاريخية. ومن أبرز أفلامه، (حمـــى الذهب) عام 1925، و(أضواء المدينة) عام 1931، و(الأزمنـــة الحديثـــة) عام 1936. وكان شابلن قد رفض تبنـــي السينمـــــا الناطقة واستمر في تقديم شخصيته الشهيرة (المتشرد) بأفلامه.



السينما الألمانية

ظهرت في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى حركة فنية انسحبت على جميع قطاعات الفنون ودعيت بالتعبيرية، وبلغت التعبيرية عصرها الذهبي في السينما الألمانية عام 1920، نظراً للحرية الكبيرة التي تمتعت بها تلك الصناعة. واعتبرت التعبيرية أسلوباً فنياً، تميز بالظلال الداكنة، والتوزيع الدرامي للإضاءة، والسرد بالصورة البصرية، وغرابة الشخصيات، وزوايا التصوير غير المألوفة للشوارع والأبنية وغيرها، مع مواقع ذات تصور تجريدي، ومن أبرز الأفلام في هذا الإطار فيلم (القط والكناري) للمخرج بول ليني عام 1927.



السينما الناطقة

شكل ظهور شركة (فيتافون) في أميركا عام 1925 1926 ثورة في الصناعة التقنية، وأعلنت (وورنر براذرز) صاحبة الشركة عن السينما الناطقة وتزامن الصورة مع الصوت. وكان جلَّ طموح الشركة أن تسجل الموسيقــى ومؤثرات صوتية. ومع ظهور هذه التقنيـة واجهت استوديوهات الأفلام الكثير من الصعوبات المرتبطة بالصوت خاصة مع اقتصار السوق على اللغة الإنجليزية. كما امتدت الصعوبة إلى فريق العمل، فالكثير من مشاهير الممثلين والممثلات لم يمتلكوا أصواتاً جيدة، وهكذا خبا نجمهم. أما حركة الكاميرا فأصبحت محدودة نتيجة إصدارها الأصوات عند تحريكها، كما واجه الممثلون صعوبات خلال تمثيلهم مع الحرص على عدم إصدار أصوات خلال حركتهم وكلامهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق