بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الاثنين، 3 فبراير 2014

اليوم الثالث الصين والسودان: عرضان سوداني وصيني يطلقان صوت المرأة في مونودراما الفجيرة

هدى تروي مأساتها ومانشا تبدع في الغناء والرقص







حرص جمهور كبير في اليوم الثالث من الدورة السادسة لمهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، على حضور العرض الصيني "تـنـهُـد" لفرقة أكاديمية شنغهاي للمسرح على خشبة مسرح جمعية دبا، وعاش الجميع تجربة نوعية غير مألوفة مع الممثلة والمخرجة تيان مانشا ونص يو رونغجون برفقة فرقتها الموسيقية التي ضمت عازفي الإيقاع ومغنية والتي شغلت الجهة اليمنى من مقدمة المسرح.

فنانة التشوانجو
تابع الجمهور المشاهد الأولى التي جمعت بين الصمت والإيقاع والغناء، والتي جسّدت الممثلة حكاية مغنية وراقصة بزيها التقليدية الأوبرا الصينية "التشوانجو" من عهد أسرة مينغ، لتبدأ بتسليط الضوء على الحذاء التقليدي لفنانات التشوانجو وتعريف الجمهور بهذا الفن من حركة اليدين ومن ثم الساقين والقدمين فإيقاع حركة المشي، لتنتقل بعدها إلى مشاهد الرقص والغناء تخاطب فيه إنساناً متخيلاً جالساً على كرسي قبالتها، لينتهي الفصل الأول برمي الموسيقيين عليها أحذية مشابهة لحذائها.

مكانتها خادمة
نشاهد في الفصل الثاني تحول الممثلة بعد الثورة الثقافية للزعيم الصيني ماو تسي تونغ، الذي منع هذا الفن، إلى عاملة تنظيف وبينما هي تنظف الأرضية يشد انتباهها أصداء سقوط قطرات ماء، تتحول في مخيلتها إلى إيقاعات تعيدها إلى زمنها السابق فتعيشها بذاكرتها وتبدأ بالرقص والغناء، لتعود فجأة إلى واقعها الحزين لدى سماعها رنين الجرس.

عودة الأمل
في المشهد الثالث يعود الموسيقيون إلى أمكنتها بالتدريج مع الغناء مع انتهاء حقبة تونغ، لنشاهد فرحة الممثلة بحريتها التي تخرج ثيابها التقليدية في الأوبرا وتحاول أن تعود إلى دورها السابق في الرقص لكنها تفاجأ بعدم قدرتها على تأدية الحركات كسابق عهدها، فيكتنفها حزن شديد لينتشلها الأمل بتعليم الأجيال الجديدة فنون هذه الأوبرا، لينتهي العرض بتسليط الضوء على الحذاء نفسه الذي افتتح به المشهد الأول.

الجمهور والصمت
جدير بالقول قبل تناول الجانب الفني من العمل، الإشارة إلى أن الجمهور العربي عاش تجربة جديدة خلال العرض، حيث أربكه الصمت والإيقاع الهادئ، الذي جعله تحت وطأة عرض خاص به، حيث كان يُسمع بين الحين والآخر ارتباكه في سعال هنا أو كحة هناك أو ومضة نور لهاتف متحرك، غير أن إدراكه للقيمة الفنية لجماليات العمال دفعته إلى التحلي بالصبر، وهو إنجاز يُحسب له.

الإيقاع والسكون
تميز العرض الذي جسّد معاناة الفنانين في حقبة الثورة الثقافية، بانضباط الإيقاع والحركة والسكون المدروس وفق فن الأوبرا الصينية التقليدية، وبجماليات غناء الممثلة ومهارتها في الرقص والأداء التعبيري لمختلف الحالات، إلى جانب الإضاءة التي لعبت دوراً أساسياً في العرض، والتناغم بين الفرقة الموسيقية والممثلة، خاصة في انسيابية تبادل الغناء كتردد الصدى فيما بينهما.


غدر و"احتراق"
انتقل الجمهور مع العرض التالي، الذي جاء تحت عنوان "احتراق" من السودان، للممثلة والمخرجة هدى مأمون ابراهيم على في مسرح بيت المونودراما، إلى فضاء عالم آخر اقتبسته الممثلة من نص "صوت امرأة" للكاتب فرحان خليل، ليتفجر فيه هذيان الغضب والأسى لامرأة عاشت في كذبة الكلام المعسول لتستسلم للخطيئة وتكتشف بعدها معنى الغدر.
وجع الغدر
جسدت الممثلة ادائها بذلك الهذيان، الذي تسترجع فيه مأساتها، وفي هذيانها تقتل من غدر بها مرات ومرات وتسترجع بذاكرتها نساء من التاريخ عشن تجربتها بالغدر مثل هند بنت عتبة وبلقيس من اليمن ورابعة العدوية والجزائرية جميلة بوحيرد لتصل في نهاية العرض إلى الخلاص بالتطهر من خطيئتها وآلامها في اغتسالها بالماء.

تطهّر الخطيئة

بذلت الممثلة والمخرجة هدى جهداً كبيراً في الإخراج والأداء، لكنها لم تنجح في السيطرة على الخشبة والجمهور ولم توفق في مشهدها الأول بدخولها من قاعة الجمهور، والذي رمزت من خلال مشاركتهم في مسؤولية ما تعنيه الحكاية، خاصة عندما أدت المشهد الأول تحت مقدمة خشبة المسرح، حيث شكلت قطعاً بينها وبين جمهور الصالة، الذي لم يتمكن من مشاهدة أدائها على أرض الصالة.

لقاء مع تيان



مانشا تيان تروي محنة الفنانين خلال الثورة الثقافية
اللقاء مع الممثلة ومغنية الأوبرا الصينية التقليدية مانشا تيان التي قدمت أول من أمس عرض (تنهد)، بمثابة إطلالة على ثقافة الفن المسرحي وتاريخ وذاكرة غناء الأوبرا الصيني التقليدي التي تختزلها مانشا في عرضها.

تقول مانشا في بداية اللقاء، "بدأت بدراسة فن الأوبرا الصينية التقليدية من خلال معلمة مختصة عام 1979، وشملت دراستي الغناء والتمثيل والكلام والكونغ فو والرقص والتي استمرت 10 سنوات. كان عمري حينما بدأت الدراسة 16 سنة وهو عمر متأخر نسبياً حيث يلتحق عادة من يدرسون هذا الفن في عمر 11 عاماً".

وتابعت، "بعد دراستي عملت في مسرح بالريف بأدوار ثانوية انتقلت بعدها بالتدريج إلى مسارح المدينة ومن ثم إلى أكاديمية المسرح في مقاطعة شيوان مسقط رأسي التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة كان ذلك خلال عاميّ 1986 و1987. وبسبب حصولي على جائزتين من أكبر جوائز التمثيل في الصين، تم تعييني في الأكاديمية كمدرسة لطلبة الماجستير وبقيت فيها حتى عام 2006، لأنتقل بعدها إلى مسرح أكاديمية شنغهاي لأشغل منصب نائبة المدير إلى جانب دوري كمخرجة وممثلة.

تحديات الانفتاح
انتقلت مانشا بعد ذلك إلى الحديث عن تجربتها في تحديث الأوبرا الصينية التقليدية التي تبلورت في عرضها الحالي "تنهد" قائلة، "دعاني دالي يونغ مدير مسرح هونغ كونغ المتخصص في المسرح التجريبي عام 1999 إلى تقديم عمل تجريبي. وهناك أمضيت عامين أعتبرهما من أصعب المراحل التي واجهتها، حيث تمثلت فكرتي في كسر الأداء التقليدي الصارم للأوبرا الصينية، والانفتاح في حركات الأداء لتكون أكثر انطلاقاً. واجهت صعوبات كبيرة في القدرة على تحرير فكري من الأداء التقليدي لحركة الجسد.

كان العقل يرفض بعناد الخروج من أسر القواعد الصارمة التي تدربت عليها سنوات وسنوات. كان صراعاً على صعيد الفكر وفي المرحلة الأخيرة بدأت أتلمس ومضات منحتني الأمل حتى استطعت التحرر منها بإكساب تلك القواعد بعض الليونة والمرونة".

ذاكرة المحنة
وأشارت بشأن فكرة العرض "تنُهد" قائلة، "أنقل من خلال العرض ذاكرة المحنة التي واجهتها الأوبرا الصينية التقليدية خلال الثورة الثقافية في الصين، حيث تم منعها لمدة عشر سنوات ابتداء من عام 1966 وحتى وفاة زعيم الحزب الشيوعي الصيني 1976. في تلك المرحلة كان فنانو الأوبرا الذين لم يكونوا يجيدون الكتابة، يمارسون فنهم بسرية مطلقة وفي أغلب الأحيان في ذاكرتهم.

وحينما بدأ الانفتاح مجدداً لم يتمكن هؤلاء الفنانون من استعادة دورهم حيث فقدوا مرونتهم ولياقتهم خاصة وأن روحهم كسرت خلال المرحلة الماضية، لكنهم استطاعوا نقل ما اكتسبوه بتعليم الأجيال الجديدة لتستعيد الأوبرا مكانتها السابقة بروح حديثة. وأن في العرض أنقل ما جمعته ذاكرتهم وآلامهم".

سيرة مانشا

تختص الفنانة الممثلة والمخرجة مانشا تيان بفن الأوبرا الصينية التقليدية (التشوانجو)، وتدرس حالياً طلبة الماجستير في أكاديمية مسرح شانغهاي إلى جانب منصبها كنائب لرئيس الجامعة. حازت مانشا على العديد من الجوائز في الصين في مقدمتها، منحها الجائزة الكبرى "بلوم بلوسوم" الصينية من قبل وزير الثقافة كأفضل ممثلة في الأداء وهو أمر نادر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق