بيت الأشباح

بيت الأشباح
أدب الرعب

الاثنين، 7 نوفمبر 2016

ميساء محمد: أجواء الحرب دفعتني إلى إحساس أكبر بالمسؤولية

تشكيلية سورية تعكس في لوحاتها وجع الإنسانية




دبي - رشا المالح
البيان 6 يوليو 2016




حينما يرسم الفنان المبدع بعمق مشاعره وصدق أحاسيسه، يتحول نتاجه إلى عمل يتفاعل معه المتلقي أياً كان بعفوية وتلقائية، تدفعه إلى طرح التساؤلات والتعمق في التفاصيل التي تغني الروح والبصيرة، ليبقى مثل هذا الفن في ذاكرته طويلاً. ومثال على هذا النوع من الفنانين الذين يرسمون بروحهم وفكرهم وإحساسهم، التشكيلية السورية ميساء محمد المقيمة في الإمارات.



وتتميز ميساء بأسلوبها الانطباعي التعبيري وعمق رؤيتها الإنسانية، لتقدم في كل لوحة مجموعة من التساؤلات، تختلف تبعاً لكل مرحلة من مسيرتها الفنية، بين وجوه نساء غائبة الملامح في أجواء قريبة من الواقعية السحرية، حيث يسود الصمت ويتوقف الزمن. وتكمن خصوصية معالجتها للتكوين والألوان، في نقاء الألوان وقدرتها على تركيبتها لتحقيق الأثر المطلوب، كذلك سيطرتها على التكوين.

وانتقلت في السنوات الأخيرة، ميساء إلى مرحلة جديدة تحولت خلالها نساؤها من جزء في تكوين اللوحة، إلى العنصر الأوحد فيها ليحمل وجه كل منهن حالة كثيفة من الألم أو الغضب أو الحزن وغيرها. وبهدف معرفة المزيد عن تجربتها الأخيرة وبعض من مسيرتها الفنية التقت بها «البيان» في الاستوديو الخاص بها في دبي.


انكسار الروح
«دفعتني معايشتي لأجواء الحرب والموت في السنوات الثلاث التي عشتها بسورية، إلى إحساسي بمسؤولية أكبر كفنانة، فلم يكن يعنيني خراب المكان بقدر خراب وانهزام الروح. ورسمت في وجوه نسائي مختلف الحالات التي عشتها أنا وغيري من النساء. انكسار الروح، مأساة لأنه لا يمكن ترميمها أو إعادة إعماره كالبناء. كدت أتحول خلال تلك السنوات إلى ما يشبه الهيكل العظمي، إذ كنت أعيش كالمحمومة في هاجس الرسم، تقول ميساء في بداية اللقاء».
وتتحدث عن مصادر إلهامها قائلة: من القصص التي تأثرت بها كابوس القناص الذي كان يشكل رعباً للسكان، من حالة الترصد إلى صوت الطلقة التي ما إن نسمعها حتى نعرف أن شخصا ما مات. عشت في تناقض بين موت الشارع وأفكاري الداخلية وهرب الناس من الألم.


رموز ثقافات
وتنتقل ميساء إلى الحديث عن اختلاف أسلوبها في الرسم قائلة: اعتمدت في المرحلة السابقة على التبسيط واختزال التفاصيل بما يشبه رسومات إنسان الكهوف، مع رموز استقيتها من تقاطعات العديد من الثقافات القديمة كالفرعونية والهندية، وأنا كأي فنان خليط من كل هذه المدارس. كما إني لا أوافق على تصنيف الفنان ضمن مدرسة أو تيار فني معين، فهو يشكل ثورة على نفسه مع كل عمل جديد له.
وتقول عن أسباب غيابها عن الساحة الفنية مع أن قدراتها ونتاجها الفني يوازي من عزز مكانته على خارطة فن العالم العربي: ضم مجتمعي الذي كنت أعيش فيه نسبة كبيرة من المثقفين والمبدعين على مختلف الأصعدة، لذا كان بيت العائلة بمثابة غاليري بالنسبة لي. كما أني لم أر نفسي يوماً أكثر من هاوية وما زلت أكتشف وأختبر نتائج تفاعلات المواد والألوان حتى اليوم. ولم أدرك أهمية المعارض ودور الغاليريهات في شهرة الفنان إلا في السنوات الخمس الأخيرة، بالطبع هناك سد منيع بينها وبين الفنانين في الجوار.
مراحل
تحكي ميساء محمد خريجة كلية الفنون الجميلة في دمشق، عن اختلاف مراحل نضج الفنان قائلة: إذا أخذت نفسي كمقياس، فأقول إن غروري أيام الجامعة كان أكبر مني، وكنت أمتلك الجرأة والقوة والرغبة في التحدي وكسر القواعد وغزارة الإنتاج، إلا أن مسؤولية الحياة بين العمل والأمومة جعلتني مقلة جدا في الإنتاج فلم أكن أنجز أكثر من ست لوحات في العام الواحد. وكما نعلم مرونة يد الفنان كما العازف تحتاج إلى مواظبة يومية. لكن السنوات الثلاث التي عشتها في سوريا، استنهضت كافة قدراتي لأرسم بغزارة ودون توقف إنما بعمق أكبر وتجربة إنسانية أنضج.













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق